هذه إحدى قصيدتين للشيخ سيد محمد بن الشيخ سيديا الكبيرمثلتا نموذجا هاما للدعوة إلى
الاعتزاز بدين الله والجهاد في سبيله ومقاومة الظلم وأهله وقهرهم ورفع ظلمهم وجورهم عن المستضعفين والدفع بالمقهورين إلى التعافي والتجافي والتخلي عن الجبن والذلة والمسكنة والخنوع والضعة عن طريق محاولة موفقة لتقديم توصيف دقيق لحالة الأمة الموريتانية في تلك الفترة القلقة من التاريخ،بالإضافة إلى التعرض الموفق كذلك للأسباب والعلاج
الاعتزاز بدين الله والجهاد في سبيله ومقاومة الظلم وأهله وقهرهم ورفع ظلمهم وجورهم عن المستضعفين والدفع بالمقهورين إلى التعافي والتجافي والتخلي عن الجبن والذلة والمسكنة والخنوع والضعة عن طريق محاولة موفقة لتقديم توصيف دقيق لحالة الأمة الموريتانية في تلك الفترة القلقة من التاريخ،بالإضافة إلى التعرض الموفق كذلك للأسباب والعلاج
لقد سعى رحمه الله تعالى من خلالهما إلى تكملة دور والده الشيخ سيديا الكبير الذي
استغرق جميعَ جهوده تأمينُ الناس وإيواؤهم وتربيتهم وتعليمهم والإصلاح بين
المتنازعين وتوحيد كلمة الأمة ورسم حدودها الجغرافية..
استغرق جميعَ جهوده تأمينُ الناس وإيواؤهم وتربيتهم وتعليمهم والإصلاح بين
المتنازعين وتوحيد كلمة الأمة ورسم حدودها الجغرافية..
نفعنا الله تعالى بعلم سلفنا ووفقنا لما وفقهم إليه من خير الدنيا والآخرة آمين.
القصيدة الأولى همزية من البحر الكامل*:
مَزَجَ الدُّمُوعَ بِمُسْبِلَاتِ دِمَاءِ...مُتَلَهِّفًا مُتَنَفِّسَ الصُّعَدَاءِ
مِمّا رَأَى سَجْفَ الْحَبِيبَةِ قُوِّضَتْ...زَوْحَ السّحَائِبِ عَن سَنَا الْجَوْنَاءِ
وَجرَى البَهَاءُ عَلى الصّفَاءِ كمَا جَرَى ...ذَهَبُ الْأَصِيلِ عَلَى لُجَيْنِ الْمَاءِ
لَمّا رَأَى مَا شَفَّهُ مِن بَيْنِهَا...كُلٌّ مِنَ الْأَحْبَابِ والنُّصَحَاءِ
أَغرَوْهُ بِالصبْرِ الْجَمِيلِ،وَصَبْرُهُ...مَهْمَا تَوَقَّعَ رِحْلَةَ الْحَسْنَاءِ
حُلَّتْ عُرَاهُ فَكَادَ أنْ يَلْقَى الذِي ...لَاقَاهُ عُرْوَةُ مِنْ هَوَى عَفْرَاءِ
لَا شَيْءَ أَبْرَحُ مِن نَوَى أسْمَاءِ...إلَّا انطِمَاسُ الْمِلَّةِ الْبَيْضَاءِ
وَتَهَدُّمُ الْأرْكَانِ مِنْهَا بَعْدَمَا...قَدْ شَادَهُنّ مُتَمِّمُ الرُّسَلَاءِ
يَا رَاكبَ الوَجْنَاءِ فِي الْبَيْدَاءِ...تُطْوَى لَهُ الْبَيْدَاءُ بِالْوَجْنَاءِ
تَخْدِي بِهِ فِي بَطْنِ كُلِّ تَنُوفَةٍ...دَوِّيّةٍ مُغْبَرّةِ الْأرْجَاءِ
تَسِمُ الرّغَامَ كأنّمَا تَخْشَى متَى...تَمْسَسْهُ لَدْغَ الحَيّةِ الرّقْطَاءِ
بِمَنَاسِمٍ تَدَعُ الْحَصَى مُتَفَلِّلًا...نِيطَتْ بِكُلِّ عُجايَةٍ سَمْرَاءِ
إِنْ آنَسَتْ ظِلَّ الْقَطِيعِ مُرَوِّحًا...زَفّتْ زَفِيفَ الْهَيْقَةِ السّقْفَاءِ
وَلَرُبّمَا وَخَدتْ مُوَافِقَةً لِمَا...فِي نَفْسِ رَاكِبِهَا بِلَا إيمَاءِ
فَكَأنّ مُطّلِعًا عَلَى أسْرَارِهِ...فِي سِرِّهَا يُنبِي بِمَا هُوَ شَاءِ
وَكَأنّ سِنّوْرًا بِمَجْرَى ضَفْرِهَا...تَخْشَاهُ حِين تَهُمُّ بِالإِبْطَاءِ
بَلِّغْ لِمَن لَاقَيتَ مِمّنْ يَدّعِي...إن لَّمْ يَضِنّ عَلَيْكَ بِالْإصْغَاءِ
أنّ اتِّبَاعَ الْمُصْطفَى وَصِحَابِهِ...وَمَنِ اقْتَدَى بِهِمُ مِنَ الْقُدَمَاءِ
فِي وَضْعِ أسْلِحَةٍ بِهَا عَزُّوا عَلَى ...مَن سَامَهُمْ خَسْفًا مِنَ الْجُهَلَاءِ
مِنّي التّحِيّةَ والسّلَامَ وأنّهُ ...تَاللهِ أَكْذَبُ مَنْ عَلَى الْغَبْرَاءِ
مَا صَانَ أحْمَدُ والصّحَابَةُ دِينَهُمْ...إلَّا بِعِزِّ اللهِ ذِي الْآلَاءِ
وَبَوَاتِرٍ وَمَوَارِنٍ مَسْنُونَةٍ...وَسَوَابِغٍ وَسَوَابِقٍ وَإِبَاءِ
وَمُدَجّجِينَ كَرِيمَةٍ أَحْسَابُهُمْ...شُمّ الْأُنُوفِ أَعِزّةٍ شُجَعَاءِ
مِن كُلِّ أَبْلَجَ خَائِضٍ غَمْرَ الْوَغَى...مُتَأنِّيًا بِسَكِينَةٍ وَحَيَاَءِ
يَلْقَى الْعِدَى فِي كَثْرَةٍ مُتَبَسِّمًا...صَوْبَ الصُّفُوفِ تَبَسُّمَ اسْتِهْزاءِ
يَسْطُو عَلَى سَاطٍ جَموُحٍ سَابِحٍ...كَالسِّيدِ بَادَرَ غَفْلَةَ الرُّقَبَاءِ
أوْ صَافِنٍ جَرْداءَ سَالِمَةِ الشّظَى...تَعْدُو هُوِيّ اللقْوَةِ الْفَتْخَاءِ
بِمُهَنّدٍ عَضْبٍ كَأَنّ بَرِيقَهُ...وَمْضُ الْبُرُوقِ بِثَرّةٍ وَطْفَاءِ
وَإذَا الْكُمَاةُ الصِّيدُ دَاجُوا أَكْؤُسًا...مَمْلُوءَةً مِنْ عَلْقَمِ الْهَيْجَاءِ
وَتَهَاوَتِ الْقُضْبَانُ فِي رَهَجِ الْوَغَى...بِيضًا هُوِيّ الشُّهْبِ فِي الظّلْمَاءِ
واسْتَكّتِ الْآذَانُ مِن صُجَجِ الظُّبَى...وَتَدَحّرَتْ مَقْطُوعَةَ الْأَعْضَاءِ
تُلْفِيهِ أَطْيَبَ خَاطِرًا مِنْهُ لَدَى...أهْليهِ فِي جِدَةٍ لَهُ وَرَخَاءِ
فِي ظِلِّ مُرْتَفِعِ الْعِمَادِ مُمَدّدٍ...مُتَوَسِّدًا يَدَ خَدْلَةٍ هَيْفَاءِ
وَإذا الْمَنِيّةُ قَدْ رَآهَا غَيْرُهُ ...صَابًا رآها هُوَ كَالصّهْبَاءِ
لِيَقِينِهِ أَنّ الْمُجَاهِدَ مَيِّتًا...أَوْ قَاتِلًا قَطْعًا مِنَ السُّعَدَاءِ
فَبِذَا يَكُونُ النّاسُ نَاسًا لَا بِمَا ...مِن ذِلَّةٍ أَلِفَ الْأَوَانَ أُولَاءِ
لَا حُرّ يَرْضَى مَا رَضيتُمْ أَنتُمُ...مِن نَهْبِ أَمْوَالٍ وَسَكْبِ دِمَاءِ
وَهُجُومِ دُورٍ وابْتِزَازِ مَلَابِسٍ...وَقِرَانِ شِيبٍ وَاسْتِبَاءِ نِسَاءِ
وأَلِيمِ ضَرْبٍ بِالْيُدِيِّ وَبِالْعِصــيِّ عَلَى الْمُحَيّا أَوْ عَلَى الْعِلْبَاءِ
وَتَرَى جَمَاعَةَ مُسْلِمِينَ بِمَسْجِدٍ...شُمِّ الْأُنُوفِ أَعِزّةِ الْآبَاءِ
وُقُرًا كَأَنّ الطّيْرَ فَوْقَ رُءُوسِهِمْ...هِمّاتُهُمْ فِي النّجْمِ والْجَوْزَاءِ
وَإذَا تَقُولُ لِبَعْضِهِمْ :لِمْ؟ كَادَ أَنْ... يَرْمِيكَ بِالنِّسْرَيْنِ وَالْعَوّاءِ
فَتَخَالُ أَنّ الضّيْمَ فِي أَكْنَافِهِمْ ...مُسْتَوْدَعٌ مُسْتَوْدَعَ الْعَنقَاءِ
حَتّى إذَا نَظَرُوا إلَى مُتَقَلِّصٍ...أهْدَامُهُ،ذِي وَفْرَةٍ شَعْثَاءِ
وَلَدَتْهُ أُمّ بِيسَ مَا جَاءَتْ بِهِ...وَأُبَيُّهُ رَاعٍ وَنَجْلُ رِعَاءِ
قَامُوا إلَيْهِ مُبَادِرِينَ كَأَنّمَا ...قَامُوا لِبَعْضِ أَجِلّةِ الْأُمَرَاءِ
وَإذَا أَشَارَ إِلَيْهِمُ بِمُعَلّبٍ...مُتَضَمِّخٍ بِالرّيْنِ وَالْأَصْدَاءِ
أَعْمَى الزِّنَادِ،شِعَابُهُ قَدْ شُقِّقَتْ...عَلِقَ العَنَاكِبُ جَوْفَهُ بِبِنَاءِ
طَفِقُوا يُثيرُونَ الْعَجَاجَ كَأَنّمَا...أَغْرَيْتَ قَسْوَرَةً بِسِرْبِ ظِبَاءِ
فَلَدَى الْقَوِيِّ هُمُ ذِئَابُ مَفَازَةٍ...وَلَدى الضّعيفِ هُمُ أُسُودُ كَرَاءِ
هَيْهَاتَ هذا مِن طَرِيقِ مُحَمّدٍ...وَصِحَابِهِ وَقُفَاتِهِ الْكُرَمَاءِ
لَمْ تُمْسِكُوا مِن دِينِهِم إلّا الْقَوَا...عِدَ خَمْسَهَا مَدْوُوفَةً بِرِيَاءِ
وَلَرُبّمَا مَنَعُوكُمُوهَا عَنْوَةً...حَتّى افْتَدَيْتُم مِّنْهُمُ بِفِدَاءِ
إن كَانَ مَا بِكُمُ كَرَاهَةُ مَوْتِكُمْ...فالْمَوْتُ قَطْعًا لَا مَحالَةَ جَاءِ
وَلَمَوْتُ مَنْ هُوَ هَكَذَا خَيْرٌ لَهُ...لَوْ عَاشَ أزْمَانًا مِنَ الْإِحْيَاءِ
وَكَفَى الْقَتِيلَ مُدَافِعًا عَن مَالِهِ...عَدُّ النّبِيِّ لَهُ مِنَ الشُّهَدَاءِ
أَوْ كَانَ حُبُّ الْمَالِ مَا بِكُمُ فَهَلّــا صُنتُمُوهُ إِذًا عَنِ الْأعْدَاءِ
وَحَبَوْتُمُ مَن كَانَ أَحْوَجَ مِنْهُمُ...مِنْ عَالَةِ الْقُرَبَاءِ وَالصُّدَقَاءِ
أَوْ كَانَ صَوْنًا لِلدِّيَانَةِ مَا بِكُمْ...فَالذُّلُّ مِن صَوْنِ الدِّيَانَةِ نَاءِ
مِنْ أَيْنَ وَيْحَكُمُ أَخَذْتُم مّا بِهِ...غَادَرْتُمُ الْبَيْضَاءَ كَالسّوْدَاءِ
مِنْ أَيِّ قُرْآنٍ أَمَ ايّةِ سُنّةٍ ...أَمْ أَيِّ إجْمَاعٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ
أَقْسَمْتُ بِالْبَيْتِ الذِي فِي مَكّةٍ ...تَهْوِي إلَيْهِ سَوَاهِمُ الْأَنضَاءِ
بِأَهِلّةٍ مِنْهَا علَيْهَا أنجُمٍ ...مِن رَكْبِهَا فِي سَبْسَبٍ كَسَمَاءِ
أَوْ أَسْهُمٍ تَرْمِي بِهَا الْهِمَمُ الْفَلَا...عَن قَوْسِ كُلِّ شِمِلّةٍ هَوْجَاءِ
لَلْمَوْتُ خَيْرٌ وَالْإتَاوَةُ والْجِزَى...مِن مِثْلِ ذَا مِن ذِلّةِ الْحُنَفَاءِ
لَا يَرْدَعُ الْجُهّالَ عَنكَ كَضَرْبَةٍ...بِمُهَنّدٍ أوْ طَعْنَةٍ نَجْلَاءِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* القصيدة الثانية هي : حماة الدين