مواجهة المحنة بالعمل على تجاوزها دون أن تترك خلفها آثارا جانبية ماحقة للكرامة ،ساحقة للشرف ،مميتة لروح الإباء ،مدمرة لكل القيم ،هي الفيصل الذي يتميز به المدركُ لحقيقة الحياة الواعي لمتطلبات أداء رسالته فيها عن غيره من الناس
نعم من الضروري أن نعيش اللحظة وأن نتجنب إهدارها في تتبع غيب لن ندركه إلا بالظن ،ولكن بحكمة وباستحضار مستمر لمستقبلنا وباعتراف بالآخرين من حولنا وباستيقان من أن التغير هو مبدأ الطبيعة الذي لا تهمل وطبعها الذي لا يتبدل
إن ذلك يساعد على الصبر الجميل ،ويجعل الإنسان يدرك أن المحنة قدر لحظي ،ودرس يتعلم منه العاقل خطورة القرار المتهور المجافي للمنطق ،كما يتعلم منه أن التشبث بالطمأنينة والسكينة عند حلول المحنة يعمل عمل الماء بالنار والنور بالظلام والظل بالحرور والشفاء بالمرض والعافية بالبلاء ...حيث ينتظر غير ذاهل ولا مرتبك تكامل الصورة ،ويبحث في هدوء وتعقل عن أفضل وسيلة وأنجع طريقة لتجاوزها دون أن يثير شفقة صديق أو يتعرض لشماتة عدوأو يعمل ما يندم عليه مستقبلا و يصمه بالخجل والحرج
الخارجُ من المحنة وقد صان عرضه وشرفه وكرامته كمن عثر على الفردوس المفقود ،فهنيئا له على حلاوة ثمرة التحمل ،وبشرى له بسعادة لا ينال مثلها بمال .
ـــــــــــــــــــــــــ
من كتابات إبراهيم بن موسى بن الشيخ سِيدِيَّ