قال أبو الطيب ـ رحمه الله تعالى ـ:
والظلمُ مِن شِيَمِ النفوسِ فإن تَجدْ... ذا عفةٍ فَلِعِلَّةٍ لا يَظلِمُ
نحن لا نلوم الغرب على محاولته السيطرة على شعوب الأرض والاستيلاء على ثرواتها والتدخل المستمر والمباشر في شؤونها الداخلية والخارجية وتوجيه سياساتها توجيها خادما لمصالحه فالغرب ليس إلا أمة مثل سائر الأمم الغالبة التي قهرت كل شعب تناله أيْدِيها ورِمَاحُهَا على مر الحقب وإن كان تنكيل الغرب بالشعوب المقهورة أدهى وأمر ومنهجه المتبع في السيطرة ـ بسبب استلهامه تراكمات تجارب الظَّلَمةِ من قبله ـ أنضج وأتقن
إن الملوم هو المستسلم لواقعه الراضي بالعيش على السؤر والفتات المنهمك في تليين لحمه ليسهل على الجبارين مضغه وبلعه عن طريق:
ـ نتف ريش الطموح
ـ وتخدير عقل التأمل
ـ والتفنن في التفريغ العبثي المجنون للطاقات الخلاقة المتيمة بالإبداع المفتونة بمقارعة المستحيل
غاضا من بصره غضة الخائف الوجل وليس للمستسلم من طريق ينجو بسلوكه إلا :
ـ العودة إلى نفسه وتلمس نقاط الضعف فيها
ـ والعودة إلى واقعه والتفكير الجاد في التخلص من حالة الخوف والتسيب وعدم الثقة في النفس
فرب فكرة قفزت بأمة ورب كتاب فتح للتقدم والرقي ألف باب ،فالمستسلم في هذه الحالة غير مدعو إلى مقاومة مسلحة ولا إلى ثورة شعبية ولا إلى تمرد وعصيان لأن ذلك كله لن يؤدي إلى أكثر مما أدت إليه مقاومة الاستعمار المباشر التي أدت إلى واقعنا الحالي وهو واقع غير واقع الاحتلال المباشر ولا واقع الحرية والاستقلال وإنما هو واقع نطفة أمشاج
والفكرة المخلصة تتنزل من الله تعالى على المتأمل الواعي والتأمل صورة من صور التعرض للنفحات الربانية وهذا هو سر أهميتها وسبب قوة تأثيرها وحاجتنا إليها حاجة الهِيمِ إلى الشراب.
ـــــــــــــــــــــــــــ
من كتابات إبراهيم بن موسى
ـــــــــــــــــــــــــــ
من كتابات إبراهيم بن موسى