Translate

الثلاثاء، فبراير 16، 2010

كيف نحدث ثورة ثقافية ناجحة؟

      من خلال مقال أوعدة مقالات لا يمكن تقديم جواب شاف لمثل هذا السؤال البسيط والمركب الجامع للأشياء ونقيضها ،كأنه يرفض تماما منطق أن الشيء ونقيضه لا يجتمعان ويقبل بأن ينعت بأنه هو وبكأنه هو وبأنه غير هو !!
فالثقافة ـ بغض النظر عن كل المقاربات الهادفة إلى تحديدها ماهيةً ومفهوما ـ ليست إلا هيولى بالنسبة لعالم الفكر مما يعني أننا سنتكلف أعباء التنقل من المجسد إلى المجرد ومن المجرد إلى ما يُعتبر المجرد بالنسبة إليه مجسدا لنضع أنفسنا بين يدي دائرة غاية في التجرد لا تنطبق عليها أقيستنا ولا تفيد أمثلتنا في توضيح ملامحها للأذهان
لذلك نقرر ـ ترشيدا للجهد وتوفيرا للوقت ـ العدول إلى ما بأيدينا من الخيوط التي تنتهي أطرافها إلى ما قبِلْنا بتسميته ثقافة على سبيل التجوز والتوسع ،فنرى ـ من باب التمثل ـ هذا الجسد الطريح الذي تتقاسم خلاياه وأنسجته أنواع البكتيريا والطفيليات وتجري في عروقه شياطينُ تضايق دماءه في مجاريها تسْبَح في تلك المجاري بما تحمله معها من وساوس وجنون وهواجس وخيالات وتعود مع الدماء إلى قلب هذا الجسد فتثبت فيه ما طاب لها من ذلك وتذهب مرة أخرى جارية مجرى الدم وهكذا دواليك
إن جسدا بهذا الوضع المزري يتطلب ـ أولَ ـ : تخليصه من البكتيريا والطفيليات وهما : أدعياء الثقافة أصحاب الوجوه الحديدية الذين احتلوا بشطارتهم مسارح الفكر والأدب وسلخوا بنات فكر الفطاحل وبسطوا أيديهم القذرة في أعمال العباقرة المغمورين وتسلقوا على أكتافهم وسرقوا إبداعهم ودونوا روائعهم بأسمائهم ثم حبسوهم في سجون التكتم والتعتيم خشية الفضيحة
ويتطلب ـ ثانيا ـ : صرف الشياطين وهم من لا ثوابت لهم ولا إيمان ولا مبادئ ،هؤلاء يَصبون الثقافة في قوالب يُعِدونها ـ سلفا ـ على حسب الأشكال التي تناسب مصالحهم الوقتية ،ولَيتهم وقفوا عند هذا الحد ولكنهم تعدوه وسعوا إلى تصوير أنفسهم للمفتونين بالبهارج المخدوعين بزخارف القول بأنهم بلغوا مرتبة المجتهد المطلق في عالم الثقافة وبناء على ذلك فهم غير مُلزمين بحد معين وإنما يجب على غيرهم التزامُ ما يزخرفونه من الباطل ويزينونه منه تارة بأيمانهم وتارة بشمائلهم حتى يستحق الملتزم المغرر به صفة المثقف!
أما كيف يتم التخليص من البكتيريا والطفيليات وكيف يتم صرف الشياطين فالأمر اجتهاديٌّ ومجال الأخذ والرد فيه واسع وللبيئة الحاضنة فيه أهمية قصوى ،والأهم من ذلك كله البدءُ بالعمل في هذا الصدد من اليوم وليس الغد حتى نصل إلى جسد ثقافي معافى ،ثم ننظر ـ بعد ذلك ـ في الروح المناسب لإعادته إلى الحياة أدبا وفنا وقيما ونظاما ،سعيا من أجل إحداث ثورة ثقافية ناجحة.

ــــــــــــ
من كتابات إبراهيم بن موسى

السياسة على رأيي/إبراهيم بن موسى بن الشيخ سِيدِيَ

 السياسةُ على رأيِي /شعر إبراهيم بن موسى بن الشيخ سِيدِيَ  عَلَى رَأْيِي السِّيَاسَةُ لَيْسَتِ الَّا                   مَكاسِبَ خَلْفَهَا يَ...