إحراق المصحف علنا لا يجرؤ على مجرد التفكير فيه إلا من له ظهير ونصير ومنعة في قومه شعبا وحكومة،وهذا الشخص الذي تعهد بحرقه وأذاعت بعض القنوات تراجعه عن طيشه ثم أذاعت قنوات أخرى خبر تراجعه عن تراجعه كما قال أحد المراسلين لا يعقل أن يشتط في تشيطنه ويغلو في سفاهته من تلقاء نفسه بمفرده ،لأن العالم اليوم عالم تعمد وسبق إصرار،وليس عالم براءة ونقاوة أسرار،فكل حدث يحدث إما أن يكون مقصودا به غرض ما ،وإما أن يكون غرضا بذاته ،وهذا ما شابت عليه السياسة الغربية وربما ما ستموت عليه ،وهو ليس عيبا كمبدإ،وإنما يعاب إذا وظف بنية سيئة،فترى إعلامهم تتسلط أضواؤه على قرار هذا القس دَعًّا له إلى متابعة عناده ،ومفارقة عقله ورشاده ،وتسليم وعيه وقياده، إلى موجب هلاكه وفساده، ومهدد مصالح شعبه وبلاده ،كأنما يمهد لفصل جديد من فصول الفوضى الخلاقة ومرحلة أخرى من مراحل تصفية الإسلام وأهله..
إن الساسة الأمريكيين مطالبون بإلحاح بمراجعة علاقتهم بالعرب والمسلمين ،والتأكد من أن مصادقة العرب والمسلمين ومسالمتهم هي صمام الأمان الوحيد لبقاء أمريكا قوة رائدة في العالم،ويمكن لأمريكا أن تظهر جديتها في ذلك برحيل قواتها من جميع بلاد العرب والمسلمين و أن تصرح بكل وضوح عن جميع غاياتها وأهدافها ومصالحها في البلاد العربية والإسلامية وعلى البلاد الإسلامية أن تتعهد بتلبية ما هو ممكن من ذلك في إطار علاقات متكافئة مؤسسة على الاحترام المتبادل،مقابل تعهد أمريكا بتلبية ما يمكنها تلبيته من غايات وأهداف ومصالح البلدان المسلمة،
هذا كله ممكن من قبل أن تتساهل أمريكا إزاء تصميم القس: عدو المصاحف وعدو الحق والسلم والنور،
ومن قبل أن تحس الشعوب بأن خسارتها وهي مستسلمة مستذلة أفظع وأشنع وأبشع من خسارتها إذا هي دخلت في حرب مقدسة مفتوحة تستعيد من خلالها بعضا من لوازم بقائها وشرفها،
وأكيد أن حدوث شيء من هذا القبيل سيغير مجريات الأمور وسيقلب كثيرا من التصورات والمواقف وسيكون طعنة هائلة في وريد منظومة المصالح الغربية في أنحاء الدنيا.