في بادية من البوادي على بعد مسافة من أبي تلميت ، وفي سبعينيات القرن الماضي اجتمعنا في خيمة اتْلاميدْ وكنتُ في الِاجتماع محاطا بأقاربَ ومعارفَ من غامبيا ،وغينيا بيساو ،وكازا ماس ،وكان معنا قريبي وابنُ جارنا في بيركاما بغامبيا ألاجِ جَوَرَ ولم يتجاوز آنذاك العاشرة من عمره ،وكان يكبرني بأربع سنوات تقريبا ،وبشخصيته القوية والقيادية رغم حداثة سنه كان يقود بسهولة جماعة اتْلاميد المغتربين ،
تحدَّث ألاجِ جوَرَ عن الحالةِ المَعيشيةِ قائلا إنه سيضْرِبُ في أرض الله طلبا للرزق حتى يُوسِّع علينا في مَعاشنا ويُحَسِّنَ مِن ظروفنا أكثر ،فخرجنا في وداعه ،ورجعنا مُفتقدين حُضوره المتميز ،
وبعد أيام لاحظ بعضُ اتْلاميد غُبارًا سدَّ الأفق ،وسمع جَلَبةً ،فنادانا بأعلى صوتِه : هذا ألاجِ قد أظلَّكم بِجَلَبٍ عظيمٍ ،فخرجنا فإذا بِبَعير وغنم وحمير محملة بمُؤَن ،ففرحنا به ،وجلس يُحدِّثنا عن سَفْرَتِه المباركةِ الخاطفة ،فقال : فارَقْتُكم لا أدْرِي إلى أين أذهبُ في هذه البوادي المتباعدة ،إلا أنني وفقني الله تعالى فاهتديتُ إلى خيمة شيخ جليل سألني عن اسمي واسم أبي ومن أي بلد ،فأخبرتُه فقام إليَّ فضمني إليه ،وقال لي أبوك كُمْنا جَوَرَ صديقي ،وكان يُكْرِمُني كلما حلَلْتُ ضيفًا عليه في بيركام،وسألني عن سبب خروجي فأخبرته أنني أبحث عن عمل ،فقال لي :لا بأس سترجع الآن من حيث جئتَ راشدا غانما ،فأهداني كل هذا المال ..
إن هذا الشيخ الجليل هو غُرَّةُ نَاصِيةِ زَمانِه الشيخ أحمد بن عبد الفتاح رحمه الله تعلى ونفعنا ببركتِه ،وقد كان من أمره معي خاصةً أنه في مرة من المرات تزامن وجودُه في منزلِنا في بيركامَ مع عقيقتي ،فسمَّاني إبراهيم ،وكان ذلك في غياب الوالد رحمه الله تعلى ،وأظنه كان في تلبية دعوة لجلالةِ المغفور له الحسن الثاني ،فله عليَّ بذلك حقٌّ من حقوق الأبُوَّةِ ،
جزاه الله تعلى عني بخير جزاء على تَسْميتي بهذا الِاسم ،وعلى وفائه وكرَمِه وحُسْن مُعامَلته لِأَلاجِ .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق