الانتخاباتُ الأمريكيةُ فُرْصةٌ لتغيِيرِ الْواجِهةِ السياسيةِ لِلحُكمِ بِالنسبةِ لِشَعْبٍ أمريكيٍّ شغُوفٍ بِالْجَدِيدِ، كَارِهٍ للْمُعْتادِ مَهْما كانتِ الْإنجازاتُ،
رُبَما يَعُودُ ذلكَ إلى ثَبَاتِ التوجُّهِ السياسيِّ عُمومًا بِحيثُ لا تُضَايِقُهُ الْحِصَّةُ الضئيلةُ والْهامِشيّةُ الْمَتْروكةُ لِكَيْ يُعَبِّرَ مِنْ خِلالِها كلُّ حاكمٍ جديدٍ عن ذاتِهِ، ويَتْرُكَ في تاريخِ الْحُكمِ الأَمريكيِّ بَصَماتِهِ،
الْمُفْزِعُ وَالْمُرَوِّعُ أنَّ تَرْسيخَ تلكَ الذاتِ وتَعميقَ تلكَ البصماتِ يَحْصُلُ أَساسًا مِنَ الْأعمالِ الْعسكريةِ بعيدًا عنِ الْحدودِ الْأمريكيةِ، وَهِيَ تُعَدُّ وسيلةً ناجِعةً لِحَصْدِ صِفةِ الديمومةِ والتأثيرِ،
فمِنَ الْمُشاهَدِ دَليلًا على ذلِكَ أنَّهُ بِقَدْرِ مَا يَكونُ الْمُسْتَهدَفُ بِالْحرْبِ الْأمريكيةِ مُظْهِرًا لعداوتِهِ لِأمريكا، مُخَالِفًا لها في النَّظَرِ والْفَهْمِ والتعاطِي، مُعْتزًّا بِذاتِهِ، قَنوعًا بِقدُرَاتِهِ، ذا ثَرْوةٍ ماليّةٍ أو ثقافيّةٍ أوْ حضاريّةٍ، فإن الْهجْمةَ الأمريكيةَ عليهِ تكونُ على أَقَلِّ تَقْدِيرٍ مبْلُوعةً مِن دَافِعِي الضرائبِ وأغْلبيةِ الناشطينَ السياسيينَ!
وَسيلةُ أمْرِيكا لترْكيعِ الْأُممِ هِي قُدْرَتُها على تَشْخِيصِ نِقاطِ ضُعْفِ الشعوبِ والتَّعرُّفِ على مَنَاحِيهَا الرَّخْوةِ، ومَعرِفتُها مِنْ خلالِ التجْرِبةِ بِكَيفيةِ الِانقضاضِ التي تَتحكَّمُ بِها فِي فرِيستِها،
ولِكَوْنِ كُلِّ مَوْجودٍ حَامِلًا فِي ذَاتِهِ أسْبابَ فَنائِهِ وانقِراضِهِ فإن أَخْطرَ دَوَاعِي فَنَاءِ أمريكا:
- اعْتمَادُها مَبْدَأَ قُوَّةِ الْقوَّةِ بدَلَ قُوّةِ الْعَقْلِ والْحكْمةِ والْحَقِّ،
- جَعْلُ ذِمّةِ الْقُوّةِ ضَامِنةً للدُّولارِ بَدلا من ذِمَّةِ الذهَبِ وَنَحْوِهِ
- التَّمَدُّدُ نَحْوَ الْأهدافِ الْبعيدةِ إلى درجةٍ يتعذَّرُ معَها – إنْ حَالًا أو مُستقبلًا قريبًا – التحكمُ والسيطرةُ على الأطرافِ الْمُمْتَدّةِ مِمّا يُعرِّضُ تلك الأطرافَ لِلْبَتْرِ بِسهولةٍ وَيُسْرٍ من قوّاتِ الدولِ الْمُعاديَةِ
- التَّغَلْغُلُ في خِياراتِ الشعوبِ لسَحْقِ إرادتِهَا وغَصْبِ حُرِّيتِها وكرامتِها
- مُساندةُ أوِ اسْتِصْناعُ كِياناتٍ أو جمْعياتٍ تَسْبحُ ضِدَّ تيّارِ مُجتمعاتِها، وتُعْلِنُ بِكلِّ جُرْأةٍ عِدَائِيَّتَها وَكُفْرَها بِكلِّ ذِي صِلةٍ بِمُجتمعاتِها
لن تكونَ هذهِ الِانتِخاباتُ "الْمَصيريةُ" – بِغَضِّ النظرِ عنِ الْفائزِ بِها أقَلَّ جميعِ الِانتخاباتِ السابقةِ تَعْقيدًا ومَخاطرَ،
إن مُرشّحًا تَعرَّضَ لِمُحاوَلتَيِ اغْتِيالٍ أثناءَ الْحمْلةِ لن يكونَ أكْثرَ أمَانًا وهو يُباشِرُ مُجتمعَهُ وزائريهِ رَئيسًا،
وإنّ الشخصيةَ الأمريكيّةَ – بِسبَبِ دِيانتِها وموروثِها الثقافيِّ المُتصِلِ بالثقافاتِ الأوربيةِ التقليديّةِ لن تَستطيعَ القبولَ بالمرْأةِ رَئيسةً لأمريكا إلا معَ كثيرٍ منَ اللّاثقَةِ وعَدَمِ الِاحْتِمالِ.
———————————
إبراهيم بن موسى بن الشيخ سِيدِيَ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق