وَقْفةٌ مع بعضِ حقائقِ الصيامِ/ إبراهيم بن موسى بن الشيخ سِيدِيَ
الحديثُ عن فَضْلِ الصيامِ يَسْتَدْعِي مِنَ الْبِدايةِ التذْكيرَ بِأهمِّ أُسُسِ الإيمانِ ألَا وهو: أداءُ الطاعةِ رَهْبَةً مِّن مَّعْصِيَةِ اللهِ ورَغْبَةً فِي رِضاهُ جَلَّ وعَلَا،
وإنَّ فضائِلَ الصيامِ معلومةٌ ويَكادُ يَعْرِفُها أَغْلَبُ الْمُسلمينَ، وأهمُّها: أنَّ الصومَ يَجْزِي عليهِ اللهُ مِنْ عِندِهِ هو بكرمِه لا بِالْجزاءِ الْمعهودِ في سائرِ الطاعاتِ التي الْحسنةُ فيها بِعَشْرِ حسناتٍ إلى سبْعِمِائةِ ضِعْفٍ!
وقَدْ نَذَرَتْ سيدَتُنا مرْيمُ الْبتُولُ الصِّدِّيقَةُ على نبينا وعليها السلامُ لِلرّحْمنِ جل جلالُهُ صوْمًا فكانَ مِنْ عاجِلِ برَكاتِ صِيامِها أن أنطَقَ اللهُ ابْنَها سيدَنَا المسيحَ عيسَى على نبينا وعليهِ السلامُ؛ فحَكَى اللهُ تعالى عنْهُ قوْلَهُ: " إنِّي عَبْدُ اللهِ ءاتانِيَ الكتابَ وجعلنِي نَبِيئا وجعلنِي مُبارَكا أين مَا كُنتُ وأوصانِي بالصلاةِ والزكاةِ مَا دُمْتُ حيًّا وبَرًّا بِوالِدَتِي ولم يجعلنِي جبارا شقِيّا،
وكانَ الصيامُ آيةً لسيِّدِنا زكريّا على نبينا وعليهِ السلامُ فوَهبَهُ اللهُ ورِيثًا رَّضِيًّا نَّبِيًّا مِّنَ الصالحينَ هو سيدُنا يَحْيى على نبيِّنا وعليهِ السلامُ!
والصيامُ تَأْكِيدٌ لِّلنَّفْسِ على أن العلاقةَ بينَ السببِ( الطعامِ والشراب وغيرِهما) وما يَتَسبّبُ فيهِ مِن زَوَالِ الْعُطَشِ والْجوعِ ..علاقةُ تَزَامُنٍ لا علاقةُ تَأْثيرٍ وتَرَتُّبٍ، كَغيرِهِما مِنَ الأسبابِ جميعًا،
وقدْ بيّنَ اللهُ عزَّ وجلَّ ذلكَ على لِسانِ أبِينا إبراهيمَ على نَبيِّنَا وعليهِ السلامُ، فقال جلَّ مِن قائِلٍ: " الذِي خلَقَنِي فَهوَ يَهْدِينِ والذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ وإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ والذِي يُمِيتُنِي ثمُّ يُحْيِينِ والذِي أَطْمعُ أنْ يَّغْفِرَ لِي خَطيئَتِي يوْمَ الدِّينِ"
فهذا بيانٌ لِّمَنْ يَّتَدَبَّرُ الْقرءانَ وأَلْقَى السَّمْعَ وهوَ شَهِيدٌ، فلم يَرِدْ في الآيةِ الكريمةِ ذكْرٌ للأسبابِ التِي هِيَ في الهدايةِ العقْلُ،وفي الإطْعامِ الطعامُ، وفي السُّقْيَا الشرابُ، وفي الشفاءِ الدواءُ، وفي الموْتِ مُفارقةُ الروحِ للْبدنِ، وفي الحياةِ توافُرُ أسبابِ الْحياةِ،
وبِهذهِ العقيدةِ الساميةِ واجهَ أبونا إبراهيمُ على نبينا وعليه السلامُ النارَ التِي أُلْقِيَ بِهِ فيها غيرَ خائفٍ ولا وَجِلٍ لإيقانِهِ بِأن إحراقَها مِنَ أمْرِ اللهِ وأنها أي النارُ مِنْ خلْقِ اللهِ وأن المُناسبةَ بينهما التزامُنُ لا التأثيرُ!
جعلَنِي اللهُ وإياكم مِمّن يتدَبرونَ القرءانَ الكريمَ على هُدًى مِنَ اللهِ وبصيرةٍ،آمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق