Translate

الاثنين، أبريل 07، 2025

فقه التعامل مع الأعداء/ إبراهيم بن موسى بن الشيخ سِيدِيَ

 فِقْهُ التعامُلِ مَعَ الْأعداءِ/ إبراهيم بن موسى بن الشيخ سِيدِيَ 


          اِسْتِئْنَاسًا بَلِ اسْتِنَانًا بِالمَنْهَجِ الْقرءانِيِّ فإنه لَا بُدَّ مِنْ أَن نَّتَصوَّرَ الأعداءَ على أنهم طَبقاتٌ متَفاوتةٌ في مُستوَى العداوةِ، فَمِنْهمُ الْأَشَدُّ عداوةً، ومِنْهمُ الأَقْرَبُ مَوَدَّةً، وبينَ هذيْنِ الْحَدَّيْنِ تَفاوُتٌ وتَمَايُزٌ،


فَنَحْنُ أُمَّةٌ مُّنصِفَةٌ لا تُعادِي أحَدًا مِنَ الْعالمينَ بِسبَبِ ضغينةٍ أو عُنصُرِيّةٍ أو حِقْدٍ، ولا تعْتَبِرُ العداوةَ حالةً دائمةً أو مَوْرُوثًا تتوارثُهُ الأجْيالُ، ولا تأخُذُ ابْنًا بِجَرِيرَةِ أبِيهِ، ولا تُحمِّلُ أخًا وِزْرَ أَخِيهِ، رَبُّنَا الْعَدْلُ جَلَّ جلالُهُ هو مَنْ عَلَّمَنا الْعَدْلَ،


 ثم إن التَّعَمُّقَ في هذا الْفِقْهِ أوِ الْعِلْمِ يُؤَدِّي إلى تَوَجُّهاتٍ صَائبةٍ، مِنْها: سُهولةُ اخْتِراقِ الْعدوِّ عن طريقِ إحداثِ علاقةِ تواصُلٍ مَّا بِالأقربينَ مودَّةً، ثم بِمَنْ هُمْ أَخَفُّ عداوةً، وهكذا، حتَّى نَحْصُرَ الأعداءَ الأشدَّ عداوةً في أَضْيقِ نِطاقٍ، 


أما غَيرُ هذا المنْهجِ فمَعْناهُ اعْتِبارُ الأعداءِ طبقةً واحِدةً، ووحدةً متماسكةً، وكتلةً متجانسةً،

وهذه النظرةُ الخاطئةُ هي التِي وَفَّرَتِ المجالَ الرَّحْبَ الْخِصْبَ للعدوِّ فأمَدَّتْهُ بِأسبابٍ قويّةٍ للبقاءِ والِاستمرارِ، بَاثًّا فِي كِيانِ الأمَّةِ سمومَهُ القاتلةَ التي لا تِرْياقَ لها – بعدَ اللهِ عزّ وجلَّ- إلا إعادةُ النظرِ في التعاملِ معهُ،


ولعلَّ مِنَ المُثَبِّطاتِ عنِ الْبحْثِ في مِثْلِ هذِهِ الأفكارِ واسْتِكْناهِها: اسْتِلْذَاذَ الِاتِّكَاءِ على النبوءاتِ والوعودِ الْغَيْبِيِّةِ، وهو ما لا يتناسبُ معَ دَعوةِ اللهِ لِعِبادِهِ في قولِهِ عزَّ وجلَّ :


" وَقُلِ اعْمَلُوا فَسيَرَى اللهُ عمَلَكمْ وَرَسُولُهُ والْمُؤْمِنُونَ"، 


ولم يَطْلُبْ مِنَّا انتِظارَ نَصْرِهِ ونحْنُ في ارْتِخاءِ عزيمةٍ وخَوَرِ قُوَى، وإنما أمَرَ بِالِانتِظارِ قَوْمًا كافرينَ مُعانِدينَ وَعيدًا لهم، ومُشاكَلةً لفظيّةً، وتقريعًا وتخْوِيفًا، فقال سبحانَهُ: 


" قُلِ انتَظِرُوا إنَّا مُنتَظِرونَ".

ليست هناك تعليقات:

فقه التعامل مع الأعداء/ إبراهيم بن موسى بن الشيخ سِيدِيَ

 فِقْهُ التعامُلِ مَعَ الْأعداءِ/ إبراهيم بن موسى بن الشيخ سِيدِيَ            اِسْتِئْنَاسًا بَلِ اسْتِنَانًا بِالمَنْهَجِ الْقرءانِيِّ فإنه...