Translate

الخميس، يناير 29، 2009

بعيدا عن القناعات



           الأحزاب السياسية في النظم الديمقراطية المعاصرة يؤمن أتباعها ببرامجها التي يعتمدونها مرجعا أدبيا وثقافيا وفلسفة ،لا يسمحون لأفكارهم بالتحليق خارج إطارها ،وهي تشكل رابطة اجتماعية متماسكة ومتناسقة على رغم اختلاف المنتسبين إليها من حيث العرق والدين والمكانة الاجتماعية ،ويسهر المنتمون إليها على توريث أجيالهم الصاعدة مواقفهم السياسية ونظرتهم الفلسفية وتطلعاتهم المستقبلية ،وهذه الحالة الحزبية الراقية أصبحت الآن متراجعة إلى حد كبير بسبب الانحرافات الأخلاقية لقادة البعض من تلك الأحزاب وبسبب انتشار ظاهرة الأحزاب (القِرْشِيَّةِ) التي تبتلع الأحزاب الأقل منها أنصارا فيتقلص عدد الأحزاب إلى حزبين كبيرين يستحوذان على معظم الدوائر الانتخابية ،وأحزاب (مجهرية) يتم اللجوء إليها لترجيح إحدى الكفتين عند التعادل ،كما هو موجود مثلا في الولايات المتحدة الأمريكية ،ومع ذلك فإن التقيد بالمرجعية الحزبية ما زال السمة السائدة في الدول ذات الديمقراطية العريقة ،وفي بلادنا وبلاد أخرى (سائرة في طريق النمو) يستمد الولاء للحزب حيويته وفعاليته من مدى قدرته على تحقيق مكاسب شخصية عاجلة لأتباعه ،وإذا ثبت العكس فإن أتباعه سيقومون تلقائيا بالبحث عن حزب ثان وثالث ورابع...مما يعني بالضرورة أن المواقف السياسية لن تعكس أبدا القناعات الحقيقية للسياسيين ،وهو ما يفسر عدم الانضباط في ديمقراطيات الدول المتخلفة التي تتأرجح بين الأمام والخلف والظهور والاختفاء ،ويفسر كذلك تساهل شعوب هذه الدول إزاءها وجودا وعدما ،فوجودها بالنسبة للشعوب لا يعدو كونه بداية انتعاش لأنشطة اقتصادية من قبيل شراء أصوات الناخبين واستئجار القائمين على الحملات الانتخابية وما يعنيه ذلك من استئجار السيارات والخطاطين وأصحاب الاقلام الرخيصة إلى آخر القائمة المعروفة ،أما عدمها فيعني العودة إلى الوجه الحقيقي للحياة السياسية القائمة على تأليه القائد والولاء المطلق له شخصيا وتثمين آرائه ومبادراته وتبني أفكاره والوقوف خلفه صفا واحدا إلى أن ينتزع الله منه الملك كما انتزعه له من سابقيه ،وفي كلتا الحالتين يتقاسم القادة وشعوبهم المسؤولية مُنَاصَفَةً عن إطالة أمد تخلف بلادهم وفشل مشاريع التنمية والدفع بالسلْم الاجتماعي والسكينة العامة إلى مستقبل مجهول ،ومن هنا يكون تدخل النخبة المثقفة ضرورة ملحة من أجل القيام بمحاولة موفقة لتدارك بلادهم قبل أن تصل الأمور إلى وضعية لا تجدي فيها المحاولات نفعا .
ــــــــــــــــــــ
من كتابات إبراهيم بن موسى

بَطَلَا جنوبِ إفريقيا سيريل رامافوزا ونيلسون مانديلا

 إِذَا كانَ فَخْرُ تارِيخِ جنوبِ إفريقيا الحديثِ نِيلسونْ مَانْدِيلا اسْتَطاعَ إنْهاءِ الْأَبَارْتَايِدْ وهو نِظامُ فَصْلٍ عُنصُرِيٍّ متَطرِ...