يعتبر القطاع الخاص أهم مرتكزات ومقومات الازدهار الاقتصادي والتقدم العلمي اللذين استطاعت الدول الغربية بالإضافة إلى اليابان وأستراليا والصين والهند وروسيا ودول جنوب شرق آسيا ودولة جنوب إفريقيا أن تؤمن من خلالهما لشعوبها مستوى حضاريا راقيا ومتطورا باستمرار، على الرغم من الأزمات الاقتصادية الحالية ،وبمقايسة القدرات العقلية والذهنية واللياقة البدنية والرغبة الفطرية في الوصول إلى الرفاه والتمكن من أسباب الكمال نجد حالة من التناسب تكاد أن تقارب التطابق بين شعوب هذه الدول المتقدمة وشعوب الدول الأخرى ،وما دام الأمر كذلك فما السر إذًا في تقدم أولئك وتخلف هؤلاء ؟وللحصول على رد مفيد في هذه المرحلة لا بد من التعرض إلى جزئيات كثيرة تكبل شعوب الدول المتخلفة تتوزع بين التكوين الثقافي الملوث بسموم الأنانية(أو الأنوية) ،وبين الرغبة الجامحة في اكتناز أعظم ثروة(قارونية)ممكنة في أقرب وقت ممكن ،بغض النظر عن الوسائط والأسباب والأثمان المدفوعة في مقابل ذلك ،وبين ضغط المحافظة على المركز الاجتماعي ،مما يجعل من غير المرغوب فيه الدخول برأس المال في مشاريع علمية أو ذات طابع تكنولوجي لا تعود بالربح السريع والمباشر على المستثمرين فيها بل يؤدي تأخر جني أرباحها إلى أن يتقدم عليهم المستثمرون في قطاعات أسرع مردودية !! إنها طريقة خاطئة في الموازنة بين المصالح ،والخطأ الأكبر من ذلك يتجلى في ظلم القطاعين الخاص والعام لأصحاب الكفاءات في شتى فروع المعرفة بتقديم غيرهم عليهم خدمة لمصالح شخصية فقط ،وأصحاب الكفاءات أيضا يظلمون أوطانهم عندما يعتمدون مبدأ(لا إفراج عن كفاءاتنا إلا من خلال الوظيفة المناسبة) ،وكيف يمكن لدولة في العالم أن توفر الوظيفة لكل خريج ؟ وكان من الصواب والعرفان بالجميل للوطن أن يشرع جميع أصحاب المؤهلات أفرادا وجماعات إلى القيام بأنشطة تدخل ضمن تخصصاتهم يفيدون بها وطنهم وألا يربطوا ذلك بالمواقف السياسية والتعيينات والأغراض الشخصية البحتة ،وفي المقابل يتحتم على القطاع الخاص أن ينشط في سبيل تمويل الدراسات والبحوث وإنشاء المختبرات وأن يقوم بما يعرف بالاستثمار البشري عن طريق الرعاية المباشرة للطلاب المتخصصين في مجال عمله ولا شك في أن الطبقة السياسية جادة في تطبيق سياسات كثيرة تهدف إلى معالجة ما لهذه المعضلة الكبيرة ،ولكن لا مانع من مشاركة كل ذي رأي في تقديم المقاربات وعرض الآراء والاقتراحات إسهاما في رقي موريتانيا وتقدمها .
ـــــــــــــــــــ
من كتابات إبراهيم بن موسى بن الشيخ سِيدِيَّا
ـــــــــــــــــــ
من كتابات إبراهيم بن موسى بن الشيخ سِيدِيَّا