Translate

الجمعة، يناير 01، 2010

نهاية نظرية العقد الاجتماعي


      استطاعت نظرية العقد الاجتماعي أن تفسر العلاقة بين الحاكم والمحكوم بدقة حيث افترضت أن هذه العلاقة تم بموجبها تنازل المحكوم عن جزء من حريته للحاكم مقابل السهر على خدمته وتوفير الأمن له والقيام بمصالحه إلى غير ذلك ،فهي على أساس هذا المفهوم لم تعد من الناحية العملية قابلة للاستمرار بصيغتها الحالية نظرا للمغالاة الشديدة في استغلال النفوذ وأساليب الابتزاز التي أضلت الحاكم عن هداها
فقد سعى الحاكم ـ بصورة دائمة ـ من أجل إرغام المحكوم على التنازل عن مزيد من حريته بل بلغ به حب التسلط حد التحايل على النيل من كرامة المحكوم بعد أن استولى على كامل حريته متذرعا ـ حينا ـ بالضرورات الأمنية وأحيانا بضرورة صيانة هيبة النظام العام
وإذا تأملنا في طبيعة العلاقة بين الحاكم والمحكوم في جميع الأنظمة اليوم  سنخلص إلى الملاحظات التالية :
1 ـ التأثير السلبي للحالة الروتينية التي سممت علاقة التعاقد هذه
2 ـ الوصول إلى الحكم بواسطة التزوير والغش عكس رغبة المحكوم مما يعني تجاهل الحاكم الالتزام بهذا العقد المقدس
3 ـ نظر الحاكم إلى الحكم على أنه تفويض كامل من المحكوم بخلاف مضمون العقد
4 ـ توجيه الحاكم البرلمان والقضاء والإدارة وأجهزة الأمن لخدمة أغراضه 
5 ـ سيطرة الحاكم التامة على الرأي العام من خلال وسائل الإعلام الرسمية مُغذاةً بالأقلام المأجورة
6 ـ توظيف الحاكم السلطة الخامسة ( الفن بمفهومه الواسع ) من أجل صناعة رأي عام يماشي توجهاته بمرونة وسلاسة
7 ـ بناء الحاكم العلاقات مع الخارج على أساس مبدإ تثبيت حكمه وضمان بقائه
8 ـ صناعة الحاكم الأعداء في الداخل أو الخارج عند الاقتضاء من أجل تجنيد الرأي العام لحمايته
9 ـ استخدام الحاكم وسائل سوقية من قبيل الإشاعات ـ مثلا ـ لترسيخ إيمان الرأي العام بتلازمية الأمن وشخصه هو
10 ـ تعقيد الحاكم وسائل الحياة الضرورية من أجل أن تتحول لقمة العيش إلى حلم للمحكوم قتلا لنزعة التحرر فيه وإمعانا في إبقائه رهن بيت الطاعة
ومعلوم ـ ضرورة ـ أن الحاكم ليس إلا شخصا عاديا وإنما استدرجه إلى جنون العظمة الخضوعُ المذل للمحكوم واستسلامُه المخجل ويمكن أن نبين ذلك من خلال الملاحظات التالية :
1 ـ الطبيعة السوقية للرأي العام
2 ـ استجابة الرأي العام الانفعالية والتلقائية للظواهر الصوتية ( ونعني بها استجابته العمياء لجميع أبواق الدعاية)
3 ـ انعدام المبادرة نتيجة لانعدام الثقة في النفس
4 ـ قدرة المستفيدين من بقاء الحاكم على شل الرأي العام
5 ـ انتشار ظاهرة النقابات والمنظمات غير الحكومية التي وظفت الرأي العام من أجل أغراضها الانتخابية البحتة
6 ـ اختلاف المثقفين والمفكرين وتضارب مصالحهم وتناقض آرائهم وتجهيل بعضهم البعض
7 ـ انشغال معظم ( العقلاء) بالمسائل التفصيلية المؤدية غالبا إلى استمرار الخلاف
8 ـ إخلاء الجو للدهماء الذين لا يبصرون أبعد من أنوفهم
9 ـ ترهل الأنظمة الاجتماعية التقليدية وفشلها الذريع وانعدام أهليتها لأن تكون سندا وظهيرا للرأي العام
10 ـ لعنة الشهرة والنفوذ التي تجعل كثيرا من الطامحين للإصلاح يبدلون أفكارهم وجلودهم عندما يصلون إلى مقام التصدر والتمكن المعبر عنه بمراكز صنع القرار
         لقد تلاشى العقد الاجتماعي الذي حُددت بموجبه العلاقة بين الحاكم والمحكوم ولذلك وجب العدول عن التعلق غير المبرر بمقتضياته إلى صيغة أخرى تستطيع أن تعيد إلى الطرفين الثقة المفقودة وتبني علاقة جديدة بينهما تكون محكومة بقيود صارمة غاية في الوضوح يستحيل بمقتضاها أن يتشيطن الحاكم أو يتخدر المحكوم وتسمح بوجود نظام حياتي أكثر عدالة وأسلم منهجا يؤمن فيه المحكوم بأنه مخدوم من دون أن يستمرئ الاتكالية والتفويض ويوقن فيه الحاكم بأنه خادم من دون أن يستبيح استنزاف الممتلكات العامة استخلادا في الحكم وطلبا للرفاهية وتصيدا للملذات ولا يمكن أن يحدث مثل ذلك في غياب وجود فعلي قوي للرأي العام السليم من جميع نقاط الضعف المذكورة أعلاه كما لا يمكن مع استمرار تدمير الحاكم لإنسانية المحكوم .

ــــــــــــــــــــــــــــــ
من كتابات إبراهيم بن موسى بن الشيخ سيديا

أمريكا وضربُ أوكرانيا للعمق الروسي/ إبراهيم بن موسى بن الشيخ سِيدِيَ

 أمريكا تَأْذَنُ لأوكرانيا بِضَرْبِ العُمْقِ الروسيِّ بِصواريخِها عَسَى أن يكونَ ضَرْبُ أوكرانيا - الليلةَ أو غدًا - الْعُمْقَ الروسِيَّ بِا...