Translate

السبت، يوليو 02، 2011

قصيدة لا تبخل على هذا اللسان



للشاعر:إبراهيم بن موسى بن الشيخ سيديا



بين يدي الموضوع



            القصيدة العمودية الأصيلة لم تُؤتَ من خلال موسيقاها الشعرية؛ فستةَ عشرَ بحرا  يؤلف كل منها نغما أو إيقاعا موسيقيا يهز الوجدان من مجاميعه ويشنف الآذان ويطرب السامع والمُلقِي حَمَتِ القصيدة العمودية من الجمود.. لكن المشكلة بقيت في نوعية المواضيع المطروقة من خلال القصيدة العمودية منذ أن حفظها التاريخ إلى لحظة كتابة هذه السطور؛ حيث تشابهت المواضيع بل كادت تكون في معظم الحالات مجرد اجترار لمواضيع سابقة..مما جعل من الضرورات الملحة الدعوة إلى محاولات إبداعية تمس المضمون والجوهر وتترك الشكل والعرض، وهذا يعني من جملة ما يعنيه أن تطور الجوهر والموضوع هو غاية الأديب الكامل ..بينما التطوير على مستوى الشكل يتحول في النهاية إلى حالة ابتكار أو إنشاء شكل أدبي لا علاقة له بموضوع البحث.

        في هذه القصيدة دعوة أخرى بلغة العصر من أجل لفت الاِنتباه إلى هذا الموضوع بعد عدة دعوات من أشهرها على مستوى موريتانيا رائعة العلامة الحجة الأديب ولي الله الشيخ سيد محمد بن الشيخ سيديا رحمهما الله تعالى المعروفة التي لا يزال صداها يتردد منساغة في الأسماع يظن متلقيها الذي سمعها من قبل عند كل مرة يقرؤها أو تقرأ عليه بأنه يسمعها لأول مرة وهي بلا شك لم تكن مجرد دعوة تجديدية فحسب وإنما كانت تجديدا حقيقيا وأصيلا !!

    وبرا بهذا الجد الكريم صرفت الهمة إلى مجاراة دعوته وتقريب فكرته تيمنا وتبركا لا مباهاة ولا مضاهاة :

    أقول:


سِوَايَ عَنَاهُ شِعْرٌ مَا عَنَانِي... بِمُوسِيقَاهُ يُطْرِبُ وَالْمَعَانِي

يَرُوقُ وقَدْ أجِيدَ السَّبْكُ مِنْهُ... وَيَخْلُو بِالْمَشَاعِرِ  وَالْجَنَانِ
يُذَكِّرُ كُلَّ عَاطِفَةٍ بِمَغْنًى ... سَبَتْهَا فِي مَرَابِعِهِ الْغَوَانِي
وَيُنسِى كُدْرَةَ الدُّنيَا وَهَمًّا... يُعَانِي مِنْهُ صَاحِبُهُ الْمُعَانِي
فَمَا يَنفَكُّ قائلُهُ رَهِينًا... لِمَعْنًى دَارِسٍ أوْ لِلْمَبَانِي
يَجُولُ خَيَالُهُ وَيَصُولُ حَتى...َيعُمَّ الْأفْقَ مُنطَلِقَ الْأمَانِي
فَلَا رَوْضًا رَأى أنُفًا فأضْحَى... مُقِيمًا بَيْنَ أبْعَادِ الْمَكَانِ
يُرَاوِحُ حَيْثُ هُوَ وَقَد تَلَاشَتْ... قُوَى الْإبْدَاعِ فِيهِ مِنَ التَّوَانِي
وَإنْ هاَجَتْ مَشَاعِرُه وَجَاشَتْ... يَصُغْ شِعْرًا يُذَكِّرُ بِالْمَغَانِي
فلَا تِلْكَ الْمَشَاعِرُ فِي سِيَاقٍ ...يَلِيقُ بِهِ مُسَايَرَةُ الزمَان
ولا تلْكَ المَفَاتِنُ حِينَ تَبْدُو... تَقُومُ مَقَامَ رَوْضَاتِ الْجِنَان
شكَاهُ سَامِعُوهُ إلَى خَليلٍ... شِكَايَةَ ذِي مَلَالٍ وَاحْتِقَان
وَأقْوَامٌ شَكَوْا لِأبِى نَوَاسٍ ...مَلَالَتَهُمْ مِنَ اشْعَارِ الْهِجَانِ
فَهُوَ بِحَالَتَيْهِ مُدَانُ شِعْرٍ... نُعَامِلُهُ مُعَامَلَةَ الْمُدَانِ
لَعَلَّ قِيَامَةَ الدنيا عَلَيْهِ... تُثَوِّرُ فِيهِ سَاكِنَةَ الْكِيَانِ
وتُطْلِقُ مِنْ عَوَاطِفِهِ أسَارَى... وَتُحْيِي فِيهِ أَمْوَاتَ الْبَيَانِ
تُكَسِّرُ مِن يَدَيْهِ قُيُودَ ذُلٍّ...وَقَدْ عَانَتْ مِنَ الْقَيْدِ الْيَدَانِ
وَتَقْرَأُ فِي مَسَامِعِهِ مَسَاءً... مَذَمَّةَ كُلِّ مُنكَسِرٍ جَبَانِ
إذَا التَّيَّارُ ثَارَ فَلَا رُكُودٌ... وَيَبْقَى الرَّاكِدُونَ بِلَا أمَانِ
وَلَا يَقْوَى عَلَى التَّيَّارِ شِعْرٌ... بِلَا أصْلٍ يَتِيهُ بِهِ وَشَانِ
وَحَتْمًا تَنمَحِي آثَارُ قَوْمٍ ...أقَامُوا الشِّعْرَ خَلْفَ الْمَعْمَعَانِ
فَجُدْ بِالْجُهْدِ جُودَ كَرِيمِ طَيْءٍ... وَلَا تَبْخَلْ عَلَى هَذا اللِّسَانِ
وَقُلْ لِلْمُنتَحِي مَنْحًى جَدِيدًا ... تَفَانَى فِيهِ أنْوَاعَ التَّفَانِي
وَلَاقَى فِيهِ مَا لَاقَى رِجَالٌ... يَرَوْنَ الْبَذْلَ وَاجِبَ كُلِّ بَانِ :
تَحَرَّ الْأَصْلَ وَابْنِ عَلَيْهِ تُفْلِحْ... وَإلَّا جِئْتَ بِالْكَلِمِ الْمُشَانِ
وَوَحِّدْ عَالَمَيْنِ ذَوَيْ تَنَاءٍ... إِلَى أنْ يُوصَفَا بِذَوَيْ تَدَانِ
وَنَزِّلْ جَاهِدًا مُثُلًا تَسَامَتْ... تُسَرْمِدْ كُلَّ فَانِيَةٍ وَفَانِ
إِذَا فَتَنَتْ أَمَاجِدَ فِي عُكَاظٍ... وَشِنقِيطَ انتَشَى الْجَمْعُ الْيَمَانِي
وَلَا يُرْهِبْكَ جِنٌّ عَبْقَرِيٌّ... وَلَا يُرْبِككَّ جَانِيَةٌ وَجَانِ
عَنَاكَ الشِّعْرُ يَابْنَ أَبِيكَ فَاصْبِرْ... فَهُوَ عَنَاكَ لَمَّا أنْ عَنَانِي
وَنَحْنُ بِمَا يُرَقِّيهِ سَرِيعًا... وَيُنْعِشُهُ كَذَلِكَ مَعْنِيَانِ
كِلَانَا غَارِقٌ فِي حُبِّ شِعْرٍ... صَوَاهِلُهُ تَخبُّ بِلَا عِنَانِ
نُقَابِلُ كُلَّ عَرْقَلَةٍ بِكَيْدٍ ... وَنَحْنُ لِمَا يُعَرْقِلُ كَائِدَانِ
حَمَانَا اللهُ مِن شَرَهٍ وَطَيْشٍ... وَبِئْسَ الْخَصْلَتَانِ الْخَصْلَتَانِ
هُمَا رَمَيَا الذِينَ خَلَوْا بِجُبْنٍ... وَلَمْ يُخْطِئْ سِوَانَا الرَّامِيَانِ
تَوَلَّى الْيَأسَ عَن جُهْدِي حُنَيْنٌ... وَحَسْبُ الشُّؤْمِ مِنَّا الْقَارِظَانِ
تَغَيَّرَتِ الْحَيَاةُ وَكُلُّ شَيْءٍ... مِنَ الدُّنْيَا يُغَيِّرُهُ التِّقَانِي
وَأُلْغِيَتِ الْمَسَافَةُ وَاسْتُغِلَّتْ... مِنَ الْعُمْرِ الدَّقَائِقُ والثواني
وَأَلْغَى الْهَاتِفُ الْجَوَّالُ بَوْنًا... وَفَكَّ الْأَسْ أَمَسُّ إِسَارَ عَانِ
لِإِنْتِرْنِتْ تَفَرَّغَ ذُو هُمُومٍ... وَأَبْحَرَ فِي الْمُغَيَّبِ وَالْعِيَانِ
وَفُجِّرَتِ الْيَنَابِعُ مِنْ عُلُومٍ... وَفُجِّرَتِ الْيَنَابِعُ مِنْ أَغَانِ
فَمَا الدُّنيَا بِدُنيَا أُمِّ عَمْرٍو... وَمَا الدُّنيَا بِدُنيَا الْأَصْفَهَانِي 
وَلَا ظَعْنًا يَهَابُ ذَوُو حَنِينٍ ... وَلَا بُعْدًا يَخَافُ الْعَاشِقَانِ
وَشُيِّدَتِ الْمَتَاحِفُ حَاضِنَاتٍ... سُيُوفًا لَن تُعَاوِدَ لِلطِّعَانِ
سُيُوفًا مُرْهَفَاتٍ مُصْلَتَاتٍ ... تَبَيَّنَ فَضْلَهَا الْمُتَبَارِزَانِ
وَآثَارًا لِأَقْوَامٍ تَلَاشَوْا... وَآثَارًا مِنَ الْأُمَمِ الْفَوَانِي
وَدُرِّسَ مَا مَضَى مِن تَضْحِيَاتٍ... لِنَشْءٍ هَالَهُمْ هَمُّ امْتِحَانِ
وَنُعِّمَتِ الْقُوَى لِيَطِيبَ نَفْسًا... أُرُبِّىٌّ وَسَاعِدُهُ الْيَبَانِى 
وَيَنْعَمَ بِالْأَمَانِ يَهُودُ شَرْقٍ... وَغَرْبٍ وَالْحَلِيفُ الْفَاتِكَانِي 
وَصُودِرَتِ الْإرَادَةُ مِن شُعُوبٍ... فَهِيَ وَمَا تُرِيدُ مُغَيَّبَانِ
وَحُوكِمَتِ النِّيَاتُ وَمَا تَخَفَّى... بَعِيدًا فِي خَبَايَا الْجُلْجُلَانِ
لِيُتَّهَمَ الْبَرِيءُ لِأنَّ تَقْوَا ... هُ أوْ شَكْوَاهُ ثَمَّ جَرِيمَتَانِ
أعَدَّ اغْوَنْتَنَامَ لَهُ أنَاسٌ... بِهمْ خَسِرَ الْأمَانَ الْخَافِقانِ
فَعُذْ بِجوَارِ مُقْتَدِرٍ كَرِيمٍ... له أحْصَى خُطانا الكاتِبَانِ 
وَلُذْ بِالشِّعْرِ مُكْتَئِبًا كَمَا قَدْ... يُوَفَّقُ شَاعِرٌ أوْ شَاعِرِانِ
وَصُغْهُ صِيَاغَةً أخْرَى تُلَبِّى... مِنَ الْمَاضِي نِدَاءَ غَدٍ وَآنِ
وَقُلْهُ مُلَامِسًا فِي كُلِّ مَنْحًى ... جُرُوحَ النَّاسِ مِن قَاصٍ وَدَانِ
فَإنَّ مَسَارِحَ الدنْياَ وَأحْلَا... مَنَا لِلشِّعْرِ أوْ لَكَ مَوْطِنَانِ
وفَتِّشْ فِي عُيُوبِ بَنِي أَبِينَا... وَعَيْبِهِمُ الْمُؤَدِّي لِلْهَوَان
وَعَيْبٍ فِيكَ عَطَّلَ كُلَّ شِعْرٍ... سِوَى شِعْرِ التَّعَازِي وَالتَّهَانِي
تَقُولُهُمَا لِكُلِّ عَزِيزِ قَوْمٍ... وَيُحْرَمُ مِنْهُمَا الْمُتَوَاضِعَانِ
تَهِيمُ بِمَا تَرَى وَتُصَادُ غِرًّا ... كَمَا قدْ هاَمَ أوْ قَدْ صِيدَ حَانِ
فمَا لَكَ لَا تُفِيقُ فِدَاكَ قَوْمٌ... رِضَاهُمْ وَالْوَنَى مُتَلَازِمَانِ
تُعَبِّرُ عَن زَمَانِكَ مُسْتَبِيحًا ... مَعَانِيَ مِن زَمَانِ الْمُوبِذَانِ 
أقَامَكَ بَيْنَ مَضْغٍ وَاجْتِرَارٍ... زَمَانٌ لَا يَرَاكَ وَلَا يَرَانِي
فَهَل لَكَ فِي التَّحَرُّرِ مِنْ إسَارٍ... وَضَنكٍ بِالتَّرَدُّدِ يَنْهَضَانِ
وَهَل لَكَ أن تَكُونَ عَلَى ضَيَاعِي... وَمَوْتِكَ كَالْفِرِنْدِ الْهنْدُوَانِي
وَتَعْدِلَ عَن تَبَنِّي أيِّ رَأيٍ... وَنَهْجٍ لِلْعُقُولِ يُكَبِّلَانِ
وَتُرْجِعَ لِلعـُوَيْجِزِ بَعْدَ يَأسٍ... نَشَاطًا فِي تَمَامِ الْعُنفُوَانِ
وَعَهْدًا قد تَوَلَّى كَانَ فِيهِ... لَهُ كُلُّ الْوَرَى طَوْعَ الْبَنَانِ
وَتُحْيِي فِيهِ بَعْدَ الْمَوْتِ فَوْرًا ... بَصِيرَتَهُ لِيُدْرِكَ مَا يُعَانِي
فَيُتْحِفَ بِالْقَصَائِدِ كُلَّ قَلْبٍ... غِذَاءُ الرُّوحِ مِنْهُ قَصِيدَتَانِ
هُنَالِكَ طَابَ لِلشُّعَرَاءِ شِعْرٌ... وَطَابَ لِشِعْرِهِمْ كَسْبُ الرِّهَانِ.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شـعر: إبراهيم بن موسى بن الشيخ سيديا

السياسة على رأيي/إبراهيم بن موسى بن الشيخ سِيدِيَ

 السياسةُ على رأيِي /شعر إبراهيم بن موسى بن الشيخ سِيدِيَ  عَلَى رَأْيِي السِّيَاسَةُ لَيْسَتِ الَّا                   مَكاسِبَ خَلْفَهَا يَ...