يجب
التوقفُ عند هذه الآية الكريمة ْ"أَوَ لَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ
فِيهِ مَن تَذَكَّرَ" توقفَ المُدْرِكِ لقيمة الحياة ومقاصدها النبيلة
السامية،لا توقفَ الفيلسوف الذي ألْهَتْهُ وأغْرتْهُ صولاتُ قواهُ العقليةِ فغزا
بها مجاهيلَ العوالم فعادت عليه بمجرد تساؤلات متسلسلة لا تنقضي ..
يتحقق
التوقفُ الإيجابي عند هذه الآية بشروط:
1.
بالتعلق بالقرآن الكريم وتذوق جماله وكماله
2.باستحضار
عظمة الله الذي يخاطبنا بهذا القرآن الكريم يعلمنا به ويعظنا به ويهدينا به سبل
السلام ويخرجنا به من الظلمات إلى النور ويعطينا به الاطمئنان الذي لا وجود له
إطلاقا إلا في القرآن الكريم
3.باستحضار
عظمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الذي أنزل الله عز وجل عليه هذا القرآن الكريم
هدى للناس كافة إلى يوم القيامة حَالاًّ محل كل الكتب السماوية التي نزلت قبله
كالتورية والإنجيل، فهو وحده كلام الله الحق الذي لم ولن يتطرق إليه التحريفُ والتصحيفُ والتبديلُ ،
حفظه الله عنده كما حفظه في صدور المسلمين في مختلف الأزمان وسائر البلدان
4.
بالتضلع من حديث سيد المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم المُدَوَّنِ في كتب
الحديث الصحيحة التي تلقتها الأمة بالرضا والقبول وزكتها وهي الكتب المعروفة وأصحها
الصحيحان صحيح البخاري وصحيح مسلم
5.بالتفقه
في الدين على أحد مذاهب الإسلام الأربعة المعروفة
6.بمعرفة
تاريخ الإسلام وثقافات المسلمين
7.بحب
الخير للبشرية جمعاء
بتوفر
هذه الشروط نسأل أنفسنا ونحن نرجو النجاة والفلاح والجنة قبل أن نُسأل يوم القيامة
عن أعمارنا فِيمَ فنِيَتْ ؟ فقد كان المسلمون قبل تسمية الله لهم بالمسلمين بقوله سبحانه
وتعالى:" هو سَمَّيكُمُ المسلمين" يسمون تجارا فيخاطبون بقوله تعالى
:"هل أدُلُّكُمْ عَلَى تجارة تُنجيكم من عَذَاب أليم" وبقوله
تعالى:"إن اللهَ اشترَى مِن المؤمنين أنفسَهم وأموالَهم بأن لهم الجنةَ.."وبقوله
تعالى: مَن ذا الذي يُقرضُ اللهَ قرْضًا حَسَنًا فيُضَعِفُه له .." إلى غير
ذلك مما يُرَسِّخُ في ذهن المسلم أن يتصور دائما أن الحياة مُخَاطرةٌ بالنفس مثل
التجارة التي هي مخاطرة بالمال،وأن رحلة العمر إما ربح (قدْ أفْلَحَ مَن تزكَّى)،(
فمَن زُحْزِحَ عن النارِ وأُدْخِلَ الجنةَ فقدْ فازَ)،وإما خسارة لا تعوض أبدا
(بسم الله الرحمن الرحيم وَالْعَصْرِ إنَّ الانسنَ لَفِي خُسْرٍ إلا الذينَ
ءامنُوا وَعمِلُوا الصَّلِحَتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا
بِالصَّبْرِ).