Translate

الاثنين، فبراير 27، 2012

الثورة الذكية


       بَطْشَةُ الشعوبِ أكبرُ من بطشةِ العسكريين، فالعسكريون ينقلبُ بعضُهم على بعضٍ رافعًا شعارَ الحركةِ التصحيحيةِ فينحصرُ النزاعُ بينَ القادةِ ثم يُعلنُ المنتصرُ البيانَ رقمَ واحدٍ فيستتبُّ له الأمرُ وتنقادُ له البلادُ والعبادُ طوْعًا وكَرْهًا ...
أما الشعوبُ فإنها في ثوراتِها تُدمِّرُ كلَّ شيءٍ لتعودَ البلادُ فريسةً طريةً بين أنيابِ ومخالبِ طماعِ الساسةِ الجشعين ومَن ساندوهم من القوَى الكبرى المتسلطةِ التي لا يَلفِتُ انتباهَها إلا ثروةٌ تنتهبُها أو مارقٌ مخالِفٌ لها تَفتِكُ به وتستأصلُه
هاتان الصورتان البشعتان تتقاسمان واقعَ الشعوبِ الضعيفةِ أيامَنا هذه، وهما حصادُ قرابةِ مائةِ عامٍ من معاناة الاحتلال ومن مقاساة التبعات الناتجة عن استقلال صوري وشكلي عنه، كان الفرحُ به مثلَ فرحِ الضفادعِ باختفاء صورة النجوم من مستنقعها كما عبر عن ذلك الشاعرُ الكبيرُ إيليا أبو ماضي أحسنَ تعبيرٍ في قصيدته : الضفادع والنجوم *
       الثورةُ الحقيقيةُ هي ثورةُ الأذكياءِ التي تَتابَعُ فصولُها بعيدا عن تدخل الغزاة القدماء الجدد، وبعيدا كذلك عن انتهازية التسَلُّقِيِّين النرجسيين الذين لا يؤمنون إلا بمبدإ الغاية تبرر الوسيلة، فالوصول عندهم إلى الحكم يبرر عمل أي شيء
       ثورةُ الأذكياءِ ثورةٌ ذاتيةٌ فرديةٌ بالأساس قد تكون جماعيةً إذا تأصلتْ في نفوس الأفراد، لقد بين أصولَها وفروعَها حجة الإسلام الإمام الغزالي رحمه الله تعالى فأثمرتْ أمةً انتصرتْ على  أعْتى غزاةٍ استئصاليين،  وأثمرتْ نهضةً عقليةً وعلميةً أخذتِ الإنسانَ إلى مسيرةِ رُقِيِّه التي أرادها الإسلامُ
إن تغليبَ العقلِ والحكمةِ واجبٌ مطلقٌ على كل الأطراف حقنا للدماء وصونا للحرمات وحفظا لأمن العامة وقطعا لدابر القوى الكبرى الحاشرة لأنوفها في كل شيء، ولا يزال ممكنا أن يثوبَ كلُّ طرفٍ إلى رشده وأن يعود عن طريق الجحيم، ويسعى للإصلاح بالإصلاح لا بالإفساد وأن يحافظ على المقبول من الموجود، ويُرمِّمَ المحتاجَ منه للترميم ويزيد في البنيان القائم حتى يكمله بعد أن يُقَوِّيَ أسُسَه كما قال الصادقُ المُصَدوق سيدُ الصالحين والمُصلحين حبيبُنا محمدٌ صلى الله عليه وسلم :إنما بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الأخْلاَقِ .

ــــــــــــــــ
من كتابات إبراهيم بن موسى

ذكرى الغدير/ إبراهيم بن موسى بن الشيخ سِيدِيَ

  ذِكْرَى الْغَدِيرِ   حدِيثُ الْغديرِ جاءَ في مُسْندِ الإمامِ أحمدَ، ورواهُ الإمامُ مسلمٌ، وغيرُهما، وفيهِ وَصيةُ رَسولِ اللهِ صلى اللهُ ...