يقول عبد الواحد بن احمد بن علي بن عاشر رحمه الله تعالى:
واعلم بان أصل ذي الآفات ...حب الرياسة وطرح الآتي
وهو ما يجد مصداقه في عالم السياسة أيامنا هذه،فالحكم ظل غاية في حد ذاته وليس وظيفة تكليفية يقوم متوليه بأدائها خدمة للمشمولين بحكمه،وما هذه الصراعات المحتدمة إلا دليلا على ذلك،كل يسعى لانتزاع السلطة بجميع الطرق والوسائل التي تخطر بباله وقد لا تخطر ببال غيره لترفع النفوس الكريمة عنها،فمن متحكم كل همه أن يبقى في الحكم،وأن يعاد إليه،ويسخر مقدرات الدولة لذلك،أو معارض فشل في انتزاع السلطة فهدفه أبدا أن يقوض سلطة الرئيس،كلف ذلك ما كلف من أمن البلاد،وسمعتها،مستغلا استغلالا صارخا زلات الحكام،خصوصا تباطؤهم في تلبية الحاجات الملحة للشعوب
حب الرئاسة ألجأ أصحاب الثروات الطائلة إلى عرض عضلاتهم المالية،وألجأ الفقراء إلى استصناع (حَمِيةِ الفقراء)،وألجأ العسكريين إلى الظهور بمظهر (الوصي الشفيق) على البلاد،فهم يخلصونها كلما دحرجها المدنيون ناحية الهاوية،وكلما أوصلها إلى عنق الزجاجة عسكريون غير مخلصين !والعلماء لا يتكلمون إلا فيما طُلب منهم التكلم فيه،وإلا فشأنهم الوعظ،والتعليم،وقد نازعهم في ذلك الحكام الذين لم يرق لهم ترك هذا المجال لأهله، وللعلماء أسوة حسنة بالصحابة الستة الكرام الذين انتقاهم سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه،وعنهم،لتختار الأمة خليفة من بينهم،فلو كان طلب الحكم منافيا للورع لتورعوا عنه،ولكنهم رأوا تركه في يد من لا يخشى الله،ولا يتقيه، خذلانا للإسلام،والمسلمين،الله سائلهم عنه،ومحاسبهم عليه،فطلبهم للحكم لن يكون ـ إن شاء الله ـ من باب حب الرئاسة المذموم،وإنما سيكون من باب النصح لأمتهم،ودينهم
وبدلا من أن يجهد عالم الاجتماع أو عالم السياسة نفسه في معرفة أصل الآفات الاجتماعية والسياسية التي نعانيها عليه أن يربط بين ذلك،وبين طمع الناس في الحكم،وهو ما سبق إليه ابن عاشر رحمه الله تعالى المتوفي 3يوليو1631للميلاد.
ــــــــــــــ
من كتابات إبراهيم بن موسى
ــــــــــــــ
من كتابات إبراهيم بن موسى