طوق النجاة
الإعداد المناسب المحكم لسائر المؤهلات،علمية،أو ثقافية،أو فكرية،لم يعد أيامنا هذه مجال نقاش،أو بحث، أو تنظير،فقد فات زمن التراخي الذي يسمح بمثل ذلك،بمضي قرابة نصف قرن على استقلال هذه البلاد،فنحن نعيش فترة "الفور،والبدار"
عملية البحث،أو النقاش،أو التنظير،استهلكت من أعمار الرجال ما لم يبق معه مُدَّخر يسع متطلبات التطبيق الميداني المعقد الذي تكتنف واقعه خيوط متشابكة من تضارب المصالح،وتغَلُّبِ الخصوم،وتدفع به العولمة إلى حالة تغير متسارع غير متحكم فيها،يجهل مآلاتها المتتبعون لتطورالأحداث،وتلاحقها،وهم مختلفون في توقعاتهم اختلافهم في تقييم واقعهم،وإزاء خطر داهم ـ بهذا الحجم ـ مهدِّدٍ للحدود،والوجود،أعجب من سيادة حب الذات،بما يشمله من تضاؤل قيمة الآخر،والاستهانة بالمصيرالمشترك،واستنزاف ثروة البلاد،والعباد، في مقابل ما يلاحظه المتصف بهذه الصفة السلبية من تنافر واقع الأمة الذي استدعى شفقة العدو قبل الصديق،مع واقع الأمم الأخرى التي تجاوزت اهتماماتها جو السماء ،بعد أن حققت ما أرادت من رفاه،ورقي !
أين حفيد المرابطين ؟ما فائدة علم لا يعمل بمقتضاه ؟ما جدوى سياسات غاية مسعاها بقاء ما كان على ما كان عليه ؟وكأني بقائل يقول:ألا يعدُّ هذا التساؤل"التحفيزي،التحريضي" دعوة إلى النقاش،وقد فات زمن التراخي ؟؟ والحقيقة أن الدعوة الآن لا تكون إلا لتطبيق فوري لمبدإ عملي بسيط،وبدائي مفاده :أن يقوم كل فرد بعملية تعميق وتحديث لمؤهلاته ،ويراجع وضعيته الشخصية باستمرار ،وينظر في المتاح الممكن فيعمل على استغلاله بِغَضِّ النظر عن ضآلته ،مستصحبا في كل الأحوال علومه وفهومه وذكاءه ،متحليا بالحكمة ،متسلحا بالإيمان ،شفيعه سمو نفسه ونقاء سريرته ونبل غايته وصحة سعيه وسلامة مذهبه ،عندها يلتقي المخلصون وقد جمعهم على تفردهم تطبيقهم لهذا المبدإ العملي البسيط ،وباجتماعهم يبرز إلى الوجود نمط حياة جديد يبدل الخوف أمنا ويصهر الجهود ويؤطر الطاقات وينسف الأوهام ويسترجع به المواطن هيبته وثقته في نفسه واحترامه لأخيه .