القبول الكلي بالآراء قد لا يكون موقفا سليما ،لأنه يمكن أن يكون الدافعُ إليه هو ببساطة عدمَ الاقتناع أو عدمَ الرغبةِ في الاقتناع ،وفي الحالتين تبقى الآراء عند القبول الكلي بها غيرَ محمية من الأخطاء والتناقض ،مما يجعل تطبيقها متعذرا ،لأنها لم تحظ بالقدر الضروري اللازم من النقد والنقاش والمقابلة والتدقيق ،وإنما يتبناها بعضُ الهواة بهذه الصورة ليتوصلوا بها إلى مآربهم وعند ذلك سيخلعون ربقتها من أعناقهم
وكذلك الرفض الكلي للآراء الذي يعود إما إلى مرض تضخم الذات أو الإعجاب بالنفس ،وإما إلى ضيق الأفق وقصر النظر ،ويزيد على سلبيات القبول الكلي بأنه يؤدي بمن يتبناه إلى البقاء أبدا على حالة واحدة وتصور ثابت لا يتغير بتغير الأحوال
وكلا المنهجين يشكل موقفا سلبيا تماما من الحياة ،فهما عبارة عن حالة تطرف ،وقد قيل:كلا طرفي كل الأمور ذميم ،ولقد أُمِرنا أن نسأل الله سبحانه وتعالى أن يهدينا إلى صراطه المستقيم ،وتبين لنا أن هذا الصراط المستقيم مناقض لتهاون اليهود الذي أدى إلى أن غضب الله عليهم ،ولمغالاة النصارى التي أدت إلى ضلالهم ،فهذا الوسط الفسيح بين التساهل الذي هو القبول الكلي ،وهو غير التسليم طبعا ،وبين المغالاة الشديدة التي تحرم صاحبها من الاستفادة من عقول الآخرين ،فضاء واسع يتضمن ثلاثة وسبعين رأيا أو ثلاثا وسبعين فرقة ،هذا إن كان الغرض من العدد هو التحديدَ على خلاف بين أهل العلم كما هو معلوم ،ووجودُ هذا الكم الهائل من الآراء يُحتم توخيَ الحذر عن طريق رد الفروع إلى الأصول وتكون الاستعانة بل الاعتماد في ذلك على أهل الاختصاص من أجل التوصل إلى الرأي الصواب الذي لا يمكن إلا أن يكون رأيا واحدا فقط من بين تلك الآراء جميعا ،لأنه يعبر عن الحق والحق واحد لا يتجزأ ولا يتعدد ،هذا بالنسبة للعقيدة وما يلازمها
أما بالنسبة للسياسة بمعنى السعي إلى إثبات الجدارة بإدارة الشأن العام عن طريق تقديم برنامج سياسي واضح إقناعا للناخبين الذين يقومون من جهتهم بالتصويت عليه إما بالقبول وإما بالرفض ويكون ذلك المجال مفتوحا للتنافس بين المتقدمين ببرامجهم ،فإن الحق هنا قابل للتعدد ونعني بذلك أن هذه البرامج الحزبية السياسية مجرد اجتهادات بشرية ،تحتمل الخطأ والصواب ،فهي ليست خطأ مطلقا ولا صوابا مطلقا ،ففي كل برنامج حزبي نصيبٌ من الصواب إن يُتبعْ بصدق يُحققْ كثيرا من المصالح للأمة ،كما أن في كل منها أخطاءَ إن تُغفلْ يَترتبْ عليها من المفاسد والمهالك ما لا يُبقِي ولا يذر ،وبناء على ذلك فإن مبدأ الأخذ والعطاء في السياسة ضروري لضمان الوصول إلى الحالة النموذجية للتعايش بين كافة التوجهات السياسية من دون قمع أو إقصاء أو محاولة طمس أو احتواء .
ــــــــــــــــــــــــمن كتابات إبراهيم بن موسى بن الشيخ سِيدِيَّا
وكذلك الرفض الكلي للآراء الذي يعود إما إلى مرض تضخم الذات أو الإعجاب بالنفس ،وإما إلى ضيق الأفق وقصر النظر ،ويزيد على سلبيات القبول الكلي بأنه يؤدي بمن يتبناه إلى البقاء أبدا على حالة واحدة وتصور ثابت لا يتغير بتغير الأحوال
وكلا المنهجين يشكل موقفا سلبيا تماما من الحياة ،فهما عبارة عن حالة تطرف ،وقد قيل:كلا طرفي كل الأمور ذميم ،ولقد أُمِرنا أن نسأل الله سبحانه وتعالى أن يهدينا إلى صراطه المستقيم ،وتبين لنا أن هذا الصراط المستقيم مناقض لتهاون اليهود الذي أدى إلى أن غضب الله عليهم ،ولمغالاة النصارى التي أدت إلى ضلالهم ،فهذا الوسط الفسيح بين التساهل الذي هو القبول الكلي ،وهو غير التسليم طبعا ،وبين المغالاة الشديدة التي تحرم صاحبها من الاستفادة من عقول الآخرين ،فضاء واسع يتضمن ثلاثة وسبعين رأيا أو ثلاثا وسبعين فرقة ،هذا إن كان الغرض من العدد هو التحديدَ على خلاف بين أهل العلم كما هو معلوم ،ووجودُ هذا الكم الهائل من الآراء يُحتم توخيَ الحذر عن طريق رد الفروع إلى الأصول وتكون الاستعانة بل الاعتماد في ذلك على أهل الاختصاص من أجل التوصل إلى الرأي الصواب الذي لا يمكن إلا أن يكون رأيا واحدا فقط من بين تلك الآراء جميعا ،لأنه يعبر عن الحق والحق واحد لا يتجزأ ولا يتعدد ،هذا بالنسبة للعقيدة وما يلازمها
أما بالنسبة للسياسة بمعنى السعي إلى إثبات الجدارة بإدارة الشأن العام عن طريق تقديم برنامج سياسي واضح إقناعا للناخبين الذين يقومون من جهتهم بالتصويت عليه إما بالقبول وإما بالرفض ويكون ذلك المجال مفتوحا للتنافس بين المتقدمين ببرامجهم ،فإن الحق هنا قابل للتعدد ونعني بذلك أن هذه البرامج الحزبية السياسية مجرد اجتهادات بشرية ،تحتمل الخطأ والصواب ،فهي ليست خطأ مطلقا ولا صوابا مطلقا ،ففي كل برنامج حزبي نصيبٌ من الصواب إن يُتبعْ بصدق يُحققْ كثيرا من المصالح للأمة ،كما أن في كل منها أخطاءَ إن تُغفلْ يَترتبْ عليها من المفاسد والمهالك ما لا يُبقِي ولا يذر ،وبناء على ذلك فإن مبدأ الأخذ والعطاء في السياسة ضروري لضمان الوصول إلى الحالة النموذجية للتعايش بين كافة التوجهات السياسية من دون قمع أو إقصاء أو محاولة طمس أو احتواء .
ــــــــــــــــــــــــمن كتابات إبراهيم بن موسى بن الشيخ سِيدِيَّا