Translate

الاثنين، يناير 19، 2015

بين الشيخ سيدِيَّ الكبير والشيخ سيد محمد بن الشيخ سيد المختار الكنتي



             هاتان القصيدتان : قصيدة الشيخ سيديَّ الكبير التي يخاطب فيها البحر حين أراد شيخه الشيخ سيد محمد بن الشيخ سيد المختار الكنتي عبوره ،والقصيدة التي رد بها عليه الشيخ سيد محمد تمثلان قمة الذوق الوجداني الحاصل من السعي الموفق لنيل محبة الله عز وجل ومعرفته سبحانه وتعالى ،فهما تزخران بعواطف إيمانية يندر مثلها في العمق والصدق والعرفان ،رحم الله هذا السلف المبارك ونفعنا بهم في الحال والمآل ،وتلقَّاهم بما كانوا يحتسبون منه وبخير مما كانوا يحتسبون منه ،فإنه سبحانه وتعالى هو أهل التقوى وأهل المغفرة ،وهو ذو الفضل العظيم وذو الجلال والإكرام ،آمين             

 

      يقول الشيخ سيدِيَّ الكبير :

 

رُوَيْدَكَ بَحْرَ الْمَاءِ مَن فِيكَ يَعْبُرُ ... غَطَمْطَمُ فَيْضٍ مِنكَ أطْمَى وَأَزْخَرُ

إذَا أَنتَ لَمْ تُمْسِكْ مِنَ السَّيْلِ جِرْيَةً ... وَلَمْ تَتَأَدَّبْ وَازْدَهَاكَ التَّجَبُّرُ

فَشُدَّ عَلَى غَيْضٍ بَنَانَكَ واعْلَمَن ... بِأنْكَ غَرِيقٌ أَيُّهَا الْمُتَكَبِّرُ

فَلَا تَغْتَرِرْ جَهْلًابِمَا مِنْهُ قَدْ بَدَا ... فَلَيْسَ لُبَابُ الْأَمْرِ مَا أنتَ مُبْصِرُ

فَلَوْ كَانَ فِي شَخْصِ الْحَقِيقَةِ بَادِيًا ... مَذَانِبُهُ مِن فَيْضِهِ تَتَحَدَّرُ

وَقُدِّرْتَ نُونًا ثُمَّ رُمْتَ سِبَاحَةً ... بِطَامِيهِ  لمْ تَعْبُرْ كَمَا كَانَ يَعْبُرُ

وَكَوْنُ كَبِيرٍ فِي الْحَقِيقَةِ عَدَّهُ ... صَغِيرًا صَغِيرٌ ذُو عَمًى لَيْسَ يُنكَرُ

أَلَمْ تَرَ أَنَّ الشَّمْسَ تَبْدُو صَغِيرَةً ... لِمُقْلَةِ مَنْ يَرْنُو إِلَيْهَا وَيَنظُرُ

وَلَيْسَ كَمَا تَبْدُو فَإِنَّ بِسَاطَهَا ... تَضِيقُ بِهِ السَّبْعُ الطِّبَاقُ وَتَصْغُرُ

أَتَحْسِبُ يَا حِلْفَ الْغَبَا كُلَّ عَابِرٍ ... كَمِثْلِ ابْنِ وَيْسٍ تَزْدَرِيهِ فَتَغْمُرُ

عُرَى الْعُجْبِ مَن نِيطَتْ بِصَخْرِ فُؤَادِهِ ... وَلَمْ يَتَّئِدْ لَا بُدَّ يُقْلَى وَيُقْهَرُ

فَشَتَّانَ مَا بَيْنَ الْخِضَمَّيْنِ جِرْيَةً ... وَمَا بَيْنَ سَيْلٍ مِنْهُمَا يَتَثَوَّرُ

فَهَذَا بِسخْنِ الْمَاءِ يَجْرِي تَدَفُّقًا ... وَذَاكَ بِدُرِّ الْعِلْمِ يَطْمُو وَيَزْخَرُ

وَهَلْ يَسْتَوِي نَهْرٌ تَسَنَّى بِحُوتِهِ ... وَمُنْهَمِرٌ لَا يَعْتَرِيهِ التَّغَيُّرُ

وَهَلْ يَسْتَوِي غَوْرٌ يُطَمُّ بِغَيْرِهِ ... وَغَوْثٌ بِهِ طُمَّ الْقِفَارُ وَالَابْحُرُ

بِيُمْنَاهُ مِفْتَاحُ الْخَزَائِنِ كُلِّهَا ... يُعَلِّلُ مِنْهَا كَيْفَ شَاءَ وَيُصْدِرُ

وَيَرْعَى حُدُودَ اللهِ فِي كُلِّ قِسْمَةٍ ... وَيَحْمِي عَنِ الْعَادِي حِمَاهُ وَيَنصُرُ

بِذَا شَهِدَتْ حَالُ الزَّمَانِ وَأَهْلِهِ ... وِمِقْوَلُ حَالِ الشَّيْءِ بِالصِّدْقِ أَجْدَرُ

فَشَقُّ أَخِي شَاْوٍ قَصِيرٍ غُبَارَهُ ... وَقَسْطَلَ مَن رَبَّاهُ لَا يُتَصَوَّرُ

مَصَاعِدُ وُدٍّ لَا يَحُومُ حِيَالَهَا ... وَيصْعَدُهَا إلَّا الشُّجَاعُ الْمُشَمِّرُ

تُرَاثُ جُدُودٍ حَاوَلَ الْجَدَّ جَدُّهُمْ ... فَأَدْرَكَ مِنْهُ مَا الْحِجَا عَنْهُ يَقْصُرُ

تَوَارَثَهَا عَن كَابِرٍ كُلُّ كَابِرٍ ... مَصَابِيحُهَا فِي سُدْفَةِ الْجَهْلِ تَزْهَرُ

وَمَن لَمْ يُشَمِّرْ ثُمَّ رَامَ صُعُودَهَا ... فَقَدْ حَاوَل الْمَغْرُورُ مَا يَتَعَذَّرُ

وَمَنْ يَعْتَقِدْ غَيْرَ الذِي قُلْتُ أَوْ يَقُلْ ... سِوَاهُ فَمَطْمُوسُ الْبَصِيرَةِ أَعْوَرُ

أَلَا إِنَّهُ عَبْدٌ كَرِيمٌ مُكَرَّمٌ ... بِإِرْثِ مَقَامٍ هُوَ أَعْلَى وَأَكْبَرُ

مَنَاقِبُهُ تُعْيِي الْحِسَابَ وَقَوْلُ مَنْ ... يُحَاوِلُ حَصْرًا فِرْيَةٌ وَتَهَوُّرُ

لَهُ مكْنَةٌ تَقْضِي بِأَنَّ مُيَمِّمًا ... نَحَاهُ عَلَى شَطِّ الْمَسَاوِفِ يَظْفَرُ

وَأَنَّ رِدَاءَ الْيُمْنِ يَضْفُو بِيُمْنِهِ ... وَكُلُّ عَسِيرٍ عُسْرُهُ يَتَيَسَّرُ

وَإنِّيَ فِي حِقْفِ الْعُلَا مُتَرَفِّلٌ ... أُجَرِّرُ أَذْيَالَ الْمُنَى مُتَصَدِّرُ

تُؤّمِّنُنِي عَيْنُ الْعِنَايَةِ مَبْدَءًا ... وَمُخْتَتَمًا مِن كُلِّ مَا كُنتُ أَحْذَرُ

وَبَعْدُ فَصَلِّ ثُمَّ سَلِّمْ عَلَى الذِي ... لَدُنْهُ يَنَابِيعُ الْهُدَى تَتَفَجَّرُ

وَءَالٍ وَصَحْبٍ ثُمَّ تَالٍ سَبِيلَهُ ... إِلَى مَحْشَرٍ فِيهِ الصَّحَائِفُ تُنشَرُ .

 

                   فَأَجَابهُ الشيخ سيد محمد بن الشيخ سيد المختار الكنتي فقال :  

 

أَلَا لَا دَجَى فِكْرٌ بِهِ أَنتَ تُفْكِرُ ... وَلَا عَمِيَتْ عَيْنٌ بِهَا أَنتَ تُبْصِرُ

وَلَا غَاضَ فَيْضٌ مِن مَّعِينِ عِنايَةٍ ... بِتَيَّارِهِ الْغَمْرِ الْغَطَمْطَمِ تَعْبُرُ

وَلَا زَالَ فِي جَوِّ السَّعَادَةِ جَائِدٌ ... بِكُلِّكَ لَا يَنفَكُّ يَهْمِي وَيُمْطِرُ

وَكُنتَ كَمَا كَانَ الْمُوَفَّقُ كُلَّمَا ... بَدَا عَلَمٌ أَشْفَى لِآخَرَ يَنظُرُ

وَعَانَقْتَ أبْكَارَ الْمَعَارِفِ خُرَّدًا ... وَسَاعَدَكَ السَّعْدُ الْبَهِيُّ الْمُنَوَّرُ

وَوَاجَهَك الرَّبُّ الْكَرِيمُ بِعَطْفِهِ ... وَوُولِي لَكَ النَّوْلُ الْهَنِيُّ الْمُوَفَّرُ

وَلَا عَصَفَتْ رِيحٌ بِوَجْهِكَ دُونَ مَا ... بِمِنْهَاجِهِ حَثًّا تَجِدُّ وَتَخْطُرُ

وَاَصْبَحْتَ مَأهُولَ السَّرَائِرِ رَافِلًا ... بِحُلَّةِ عِرْفَانٍ تَزِينُ وَتَسْتُرُ

وَلَا قَطَعَتْكَ الْقَاطِعَاتُ وَلَا ثَنَتْ ... عِنَانَكَ أَغْيَارٌ تَلُوحُ فَتَحْجُرُ

لَكَ الْخَيْرُ ،سَدِّدْ مَا بَقِيتَ مُصَمِّمًا ... وَقَارِبْ فَمَن شَقَّ الْحِجَابَ يُنَوَّرُ

وَكُن صَادِقًا فِيمَا أتَيْتَ فَإِنَّهُ ... لَيَكْثُرُ بِالصِّدْقِ الْقَلِيلُ وَيَكْبُرُ

وَتُطْوَى مَسَافَاتُ الرِّجَالِ بِطَيِّهَا ...لِمَنشُورِ مَا تَطْوِي الدُّعَاةُ وَتَنشُرُ

وَإِنَّ الْفَتَى مَن كَانَ فِي اللهِ هَمُّهُ ... وَتَشْمِيرُهُ فِيمَا بِهِ يَتَصَدَّرُ

يَرَى الصَّعْبَ سَهْلًا دُونَ أَصْغَرِ هَمِّهِ ... وَيُنجِدُ فِي دَرْكِ الْوِصَالِ ويُغْوِرُ

وَفِي عَيْنِهِ حَقُّ الْعَلِيِّ مُكَبّرٌ ... وَمَا كَانَ مِنْ حَقٍّ لَدَيْهِ مُحَقَّرُ

وَإنِّيَ لَا آلوُكَ جَهْدِي تَطَفُّلًا ... عَلَى تُحَفِ الْحَقِّ التِي لَا تُحَجَّرُ

وَأرْجُو لَكَ السَّعْدَ الذِي ظَفِرَتْ بِهِ ... أَكُفُّ الْأُلَى مِن رِّقِّ الَاشْيَا تَحَرَّرُوا .
 

ليست هناك تعليقات:

لماذا تخلف وعد الله؟

 لِمَاذا تَخَلَّفَ وَعْدُ اللهِ؟ /إبراهيم بن موسى بن الشيخ سِيدِيَ                وَعْدُ اللهِ كَسُنَنِهِ الْكَوْنِيِّةِ، أو كَالْقَاعِدةِ ا...