Translate

السبت، أبريل 27، 2024

الشيخ والمريد والعَلاقةُ والعِلاقةُ /إبراهيم بن موسى بن الشيخ سِيدِيَ

 الشيخُ والمُرِيدُ وَالْعَلاقةُ وَالْعِلاقةُ ! /إبراهيم بن موسى بن الشيخ سِيدِيَ 


الْمُرِيدُ شَيْخٌ بِالْقُوَّةِ ،وَعَلاقَتُهُ بِشيْخِهِ تَبْدَأُ عَلاقةَ سَبَبٍ وَعِلَّةٍ ،ثمّ تَتطوَّرُ إِلَى علاقةِ تَضَايُفٍ ،وَعِندَمَا تَصِلُ إلى علاقةِ تَمَاثُلٍ يَأْذَنُ الشيخُ للمُريدِ بِالِاسْتِقْلالِ عَنْهُ شَيْخًا بِالْفِعْلِ كَامِلَ الْأَهْلِيَّةِ مُكْتَمِلَ التَّكْوِينِ ،

تَظَلُّ الْعلاقةُ بين الشيْخَيْنِ فِي نَظَرِ الْمُريدِ سَابِقًا علاقةَ ابْنٍ بِأَبِيهِ ،إِلا أنَّ أُبُوَّةَ شَيْخِهِ أُبُوّةُ دِينٍ لا أُبُوَّةُ طِينٍ ،وذلك سببُ خُلودِ العلاقةِ ،وتَعالِيها على نَمَطِ العلاقاتِ الْعادِيّةِ ،

وفي الْمُقابلِ يَنظرُ الشيخُ الْأصْلِيُّ إلى علاقتِهِ بمُرِيدِهِ الذي صارَ شيْخا على اعْتِبارِ أنَّهُ أَخٌ وصِنْوٌ وحَبِيبٌ ،

هذا هو واقعُ علاقةِ العارفين بِاللهِ ،ولا يَعْنِيني الحدِيثُ عنْ غَيرِهم ممن لم يَبْلغوا حَوْماتِ مَضارِبِهمْ ،ولم يَمْتَطوا إليهمُ الْبُرَاقَ ولا حَتَّى بَقايا الصّافِناتِ الْجِيادِ ،والمسافةُ في مثلِ هذه المواطنِ لَا يَطْوِيها إلا اللهُ وَحْدَهُ لِمَنْ يَّشاءُ مِنْ عِبادِهِ بكرِيمِ تَوْفِيقِهِ وحُسْنِ عِنَايتِهِ ،


أمَّا الْعِلاقةُ (بِكَسْرِ الْعينِ ،وتقْتصرُ - كما قِيلَ – على العلاقاتِ الماديةِ ) ،فقد بَقِيَتْ مُخْتَبَرًا لِسلامةِ عَلاقةِ الشيخِ بالمريدِ ،

فمَن جَعَلَها مِن بابِ التَّعْوِيضِ أو الِاسْتِعْبادِ ،فهو – لعَمْرِي – شَيْطانٌ رَّجيمٌ ،وإن ورَّثَ سُلوكَهَ المَعِيبَ لِمُرِيدِهِ فَقَلَّدهُ فَمُرِيدُهُ شَيْطانٌ مَّرِيدٌ ،

وإذَا تَرَكَ الْأُمورَ تَجْرِي فِي أعِنَّتِها عَفْوًا بِلا حَرَجٍ ،صَفْوًا بلا كَدَرٍ ،يَجِيئُهُ الرزقُ مِنْ هَاهُنا وهَاهُنا بِكَرمِ اللهِ وطِيبِ نُفوسِ الْمُهْدِينَ ،فَقَبِلهُ سَمَاحًا أو رَدَّهُ فَلَاحًا ،فذلك فِي الْحالَتَيْنِ شَأْنُ الصالحينَ ،

وقد دَّرَجَتِ الْحركاتُ والأحزابُ والتجمعاتُ على تنظيمِ عِلاقةٍ ماليةٍ مَّا ،كَفَرْضِ الرسومِ على المنتسبين ،وحملاتِ التموِيلِ ،

وما تَقومُ قائمةُ الدولةِ الْمدنِيةِ الحديثةِ إلا على الضرائبِ ،وجزاءِ الْمخالفاتِ والعُقوباتِ ،بِالإضافةِ إلى سيطرتِها على المصادرِ والمواردِ بِلا حُدودٍ لِقاءَ أدائِها الْمُفْترَضِ لكافةِ واجِباتِها كما تُمْلِيهِ شروحُ نَظرِيةِ الْعقْدِ الِاجتماعيِّ !


فالشيخُ والمريدُ إذًا لَّيْسَا بِدْعًا فِي هذا الصددِ ،ولكنّ الفرْقَ هو أن الشيوخَ الْكُمَّلَ يَزْرَعونَ فِي الدنيا لِيجْنُوا حَصَادَهمْ في الْآخرةِ ،وإذا صادفَ أن رُّزِقُوا قَبْلَ ذلك بِلا كَيْدٍ كَادُوهُ فمَثلُهُم – في هذه الحالةِ – كَمَثَلِ مَنْ أكلَ أو شرِبَ نَهارَ صَوْمِهِ نَاسِيًا فلا شيءَ عليهِ فإنما أطعمهُ اللهُ وسقاهُ ،بل إنّ ما يَحْصلُ له من الخيرِ بِشارةٌ طيبةٌْ اسْتِئْناسًا بِقولِ اللهِ عزّ وجلَّ : " لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيوةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخرةِ " .صدق الله وله العظمةُ والجمالُ والكمالُ والْجلالُ ،لا إلَهَ إِلَّا هُو .

ليست هناك تعليقات:

تنبيه وتحذير /إبراهيم بن موسى بن الشيخ سِيدِيَ

 تنبيهٌ وتحذيرٌ /إبراهيم بن موسى بن الشيخ سِيدِيَ  فِي كُلِّ عِقْدٍ يُهَيِّئُ الْكُفَّارُ للمسلمينَ مَصائبَ جَديدةً ،أو يَبْعثونَ عليهم رُفا...