Translate

الأحد، مايو 12، 2024

البريءُ ضحيةُ السياسةِ !قصص واقعيٌّ / إبراهيم بن موسى بن الشيخ سِيدِيَ

 الْبَرِيءُ ضَحِيةُ السيَاسةِ !قَصَصٌ وَاقِعِيٌّ /إبراهيم بن موسى بن الشيخ سِيدِيَ 


الْمَعروفُ هو قولُهم " البريءُ أوِ الْأبرياءُ ضحيةُ العدالةِ " ،ولكن ستَرى هنا أن البريءَ قد يكونُ ضحيةً للسياسةِ كذلك !

في إطارِ عودةِ اللجنةِ العسكريةِ للخلاصِ الوطنيِّ بِالشعبِ إلى الْحياةِ الديمقراطيةِ في بداياتِ العِقدِ الأخيرِ من الألفيةِ الثانيةِ للميلادِ دَعانِي أحدُ الإخوةِ إلى مكتبِهِ هنا في نواكشوط،فَوَضعَ بين يَدَيَّ مَنشورًا يتضمّنُ أسماءَ أشخاصٍ ،وطلبَ منّي كتابةَ دِيباجةِ تأْييدٍ للحزب الجمهوري حزبِ الدولةِ بِأسلوبٍ فخْمٍ ،فلَما أنْهيْتُ كتابةَ الديباجِ ارْتاحَ غايةً وأظهرَ إعجابَهُ الشديدَ بالأسلوبِ والعِباراتِ والمعْنَى ،وفجأةً لّاحظْتُ اسْمِي في قائمةِ أسماءِ المؤيِّدينَ الداعِمِينَ فقلتُ مُندَهِشًا :"لماذا تدرجونَ اسمي وأنتم تعرفونَ أصلًا أنه لَا اهتمامَ لِي بِمثلِ هذه الأمورِ ؟!"فرَبَّتَ على كَتِفِي قَائِلا :"لا ضَيْرَ في ذلك ،هذه مجردُ طريقةٍ عاديةٍ لتحقيقِ مصالحَ سياسيةٍ !" ،فخرَجتُ من عندِهِ مُحْتَارًا ،وعدتُّ إلى البيتِ فَنَسيتُ الموضوعَ مؤقَّتًا بِسببِ ازْدِحامِ برنامجِ المطالعةِ والأورادِ ،

وفي ذاتِ المساءِ زارنِي أخٌ كريمٌ آخرُ طالِبًا مني الذهابَ معه في جولةٍ لم أتذكّرْ هل أخبرَني بتفاصيلِها أم لا ،وأذْكرُ أننا سلَكْنَا طرُقًا غيرَ معبّدةٍ أكثرَ مِن الطرُقِ المُعبدةِ حتى وصلنا إلى منطقةٍ مفتوحةٍ من العاصمة قد غصَّتْ بجمهورٍ عظيمٍ من مختلفِ مكوناتِ المجتمعِ ،فنزلنا من السيارةِ ولم يكن لي بُدٌّ من مسايرتِهِ ،وكان يلتفتُ لِيتأكَّدَ من ذلك حتى وصلنا إلى صدارةِ المجلسِ فقال لي اجلسْ هنا وانتظرني حتى أعودَ إليكَ ،فما غادرَ حتى حضرَ قادةُ حزْبِ التكتلِ الديمقراطيِّ ،وأعلنَ صاحبُ الربطِ افتتاحَ المهرجانِ ،فتباحثَ القادةُ الكرامُ حولَ مَن يفتتحُ لهم هذا المهرجانَ التاريخيَّ بآياتٍ من القرءان الكريمِ فالتفتَ إليَّ ابنُ الْعمَّةِ - حفظهُ اللهُ -قائلا : "هذا الشيخ فلانٌ – يعني كاتبَ هذه السطورِ - يفتتحُ لنا بالقرءانِ الكريمِ "،فلم يَكن من الممكنِ بالنسبةِ لِي التردُّدُ في الِامتِثالِ لطلبِهِ ،فجاءني صاحبُ الربطِ بالمكرفون،وسُلّطَتْ علَيَّ الأضواءُ وعيونُ الكاميرا الكبيرةُ ،فتلوْتُ بداياتِ سورةِ الفتْحِ ،وبدأتِ الخطاباتُ وكانتِ الحماسةُ في رَهَجِها الشديدِ ،فانسَلَلْتُ مِن بينِ القادةِ وخرجتُ أطلبُ الأخَ الفاضلَ الذي أوْرَدَني هذا الموردَ ،فَرَجعَ بِي إلى حَيْثُ أخذَني ،ولما استقرَّ بيَ المجلسُ اتصلَ بِي أحدُهم مستغْرِبًا متعجِّبا قائلا : " كَيفَ جَحدتَّ عَنِّي انتماءَكَ القوميَّ ؟لقد رأيتُ اسمَكَ في قائمةِ أسماءِ المُنتمينَ للحزبِ القوْميِّ () "،فأجبتُهُ بِعدمِ علمِي بالموضوعِ وبِأنني لا أنتمي إلى أي حزبٍ دينيٍّ أو قوميٍّ أو سياسيٍّ ،

وأَمْضيتُ تلك الليلةَ تَذْهَبُ بِيَ الحيْرةُ كلَّ مذْهبٍ ،وفي ضُحَى اليومِ الموالِي هَنَّأَنِي بَعْضُ مَن لقيتُهم بِبَيانٍ لمجموعةٍ منْ علماءِ البلدِ المعروفينَ أظنُّهُ يؤكدُ على ضرورةِ حفظِ الأمنِ والالتزامِ بما يضمَنُ الطمَأْنينةَ والسكينةَ العامَّةَ !فقلتُ لهم " إنني لا أَدْرِي كيف وردَ اسمِي في هذه القائمةِ وأنا لا أعرفُ أعضاءَها أصلا معرفةً شخصيةً ولم ألْتَقِ أَيًّا منهم قطُّ !"

تلكم التجربةُ الثانيةُ !أما التجربةُ الأولى فكانتْ فيما عُرِفَ في أبي تلميت بِزَرْگ الهِلالِ ،وتلكَ قصةٌ لها نَصيبُ الأسدِ مِن الطرافةِ !

ليست هناك تعليقات:

في رثاء فقيد التقى والزهد والفضل السيد عبدالله بن الداه بن عبد الفتاح

 يقول إبراهيم بنُ موسى ِبن الشيخ سِيدِيَ يَرْثِي فقيدَ التُّقى والفضلِ والزهدِ السيد عبد الله بن الداه بن عبد الفتاح رحمهُ اللهُ تعالى: عَلَ...