Translate

السبت، يونيو 15، 2024

يومُ عرفةَ وصيامُه / إبراهيم بن موسى بن الشيخ سِيدِيَ

 يَوْمُ عَرَفةَ وصِيامُهُ /إبراهيم بن موسى بن الشيخ سِيدِيَ 


يُطْلَقُ الصَّوْمُ فِي لُغةِ الْعَرَبِ يُرَادُ بِهِ الْوُقُوفُ وَالْقِيَامُ وَالِاعْتِدَالُ والرُّكودُ ،

فاتَّسَعَ لَفْظُ صِيَامِ يومِ عرفةَ لِيشمَلَ بِالإِضافةِ إلى الْمَعنَى الشرْعِيِّ مَعْنَى الُوُقُوفِ بِعرفةَ ،وهذا مِن كرَمِ اللهِ عزّ وجلَّ وواسِعِ فَضْلِهِ ،إِذْ جَعَلَ لِواقفِ عَرَفةَ بِهذَا الِاشتراكِ اللفظِيِّ بِالْإضَافةِ إلى شَرَفِ مُباهاةِ مَلائكتِهِ بِهِ ثوَابَ الصائمِ الذي هُوَ غَيْرُ وَاقِفٍ مثلَهُ فِي عرفةَ ،كَمَا جعلَ لِصائِمِ يومِ عرفةَ مثلَ فضْلِ الواقفِ بعرفةَ بِجامعِ الِاشتراكِ اللفظيِّ كذلك بالإضافةِ إلى ما جاءَ في الحديثِ الشريفِ أن صيامَهُ يُكفِّرُ ذنوبَ عامٍ قبلَهُ وعامٍ بعدَهُ ،

ثُمَّ إنَّ يَوْمَ عَرَفةَ يوْمٌ مشْهُودٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ النَّاسُ ،كأنه تَمْثيلٌ لِّيوْمِ الْحَشْرِ ،

وَقَدْ جَاءَ فِي كِتابِ اللهِ عزَّ وجلَّ ذِكْرُ الْأَيَّامِ وَتَمْيِيزُ بَعْضِها عن بعْضٍ مِنْ أيَّامٍ مَّعْدوداتٍ إلى يومٍ مشْهودٍ إلى أيَّامِ اللهِ إلى يوْمٍ عِندَ رَبِّكَ إلى أَيّامٍ مِّمَّا نَعُدُّ ،إلى آخِرِهِ ،فعَلينا الِانتِباهُ لِهذا التَّمْيِيزِ ،

فَأيْنَ يَوْمُ عرفةَ مِن بينِ هذه الأيامِ ؟فَهَلْ يَوْمُ مُباهاةِ اللهِ ملائكتَهُ عليهمُ السلامُ بعِبادِهِ على صعيدِ عرفةَ يَوْمٌ عِندَ اللهِ حِسابُهُ فيَكونُ مَرْجِعًا لمَوَاقِيتِ الْعالَمِينَ ،أَمْ هو يومٌ عادِيٌّ مِّمَّا نَعُدُّ فَيكونُ مُخْتَلِفًا بِاختلافِ رؤْيةِ كُلِّ بلَدٍ ،ويكونُ تَاسعُ ذِي الحجَّةِ هو الْمِعْيارَ لا مَشْهَدُ عرفةَ ؟!!

وفي قولِهِ سبحانه وتعالى:" قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنّاسِ والْحَجِّ " فهل ذِكْرُ الْخاصِّ بعدَ الْعامِّ هُنَا للتَّعْظيمِ كما في قولِه سبحانه وتعالى عن ليلةِ الْقدرِ :" تَنَزَّلُ الْمَلائِكةُ والروحُ فيها بِإذْنِ رَبِّهم مِّن كلِّ أَمْرٍ سَلامٌ هِيَ " (والوقْفُ على " سلامٌ هِيَ " مِنْ أَجْمَلِ الْوَقْفِ) ،

أم ذِكْرُ الْحجِّ بَعْدَ ذِكْرِ مَوَاقيتِ النَّاسِ أرَادَ اللهُ عزَّ وجلَّ بِهِ مَرْجِعِيَّةَ الْحجِّ واستِقْلالَهُ فِي مكانِهِ وزَمَانِهِ ؟

وَقَدْ يَرِدُ تَساؤُلٌ على اعْتِبارِ الْحجِّ مَرْجِعًا للعالمينَ 

لِمَنْ أرادَ التطوُّعَ بِصيامِ يومِ عرفةَ ،فيَتساءَلُ :كَيفَ يَكونُ ذلكَ ويومُ عرفةَ يَبْدَأُ على مذْهَبِ الْحَنابلةِ قَبْلَ طلوعِ فَجْرِ مَدِينةِ انواكشوط بِثلاثِ ساعاتٍ ،فهلْ يُمْسِكُ المُتطوِّعُ قبل ثلاثِ ساعاتٍ من طلوعِ الفجْرِ ويُفْطِرُ عندَ غروبِ شمسِ عرفةَ الذي يكونُ قريبًا من الساعَةِ الْخامسةِ عصْرًا في انواكشوط بِخِلافِ الصيامِ الْمعهودِ ؟!!

الْجوابُ :أنَّ مِن فَضْلِ اللهِ وكَرَمِهِ أن جعَلَ وقوفَ عرفةَ مُتَحَقِّقًا ولو بوَقْتٍ يسيرٍ على تَفْصيلٍ بينَ أهلِ المذاهبِ ،وَجَعلَهُ مُسْتَمِرًّا من طلوعِ فجرِهِ إلى طلوعِ يومِ النَّحْرِ ،وذلكَ يومٌ كاملٌ ،وأقْصَى فَارِقِ تَوْقِيتٍ مَّعروفٍ هو اثْنَتَا عَشرَةَ سَاعةً ،فالصائمُ إذا صامَهُ بِتَوْقِيتِ بلَدِهِ لا بُدَّ أَنْ يُّدْرِكَ جُزْءًا من وقْفَةِ يوْمِ عرفةَ ،وذلكَ مِن فَضْلِ الله وكرمِهِ ،والحمدُ لله رَبِّ العالمينَ ،وهو الْمَقْصودُ والمَعبودُ وإليهِ الْمَرْجِعُ والْمَآبُ .

ليست هناك تعليقات:

الحملات الانتخابية من زاوية محايدة /إبراهيم بن موسى بن الشيخ سِيدِيَ

 الحملاتُ الِانتِخابيّةُ مِن زاويَةٍ مُّحَايِدةٍ /إبراهيم بن موسى بن الشيخ سِيدِيَ  الْحَمَلاتُ الِانتِخابيةُ وَسيلةٌ وُدِّيَّةٌ تُلَاطِفُ ا...