Translate

الثلاثاء، يوليو 16، 2024

وقفات مع ذكرى عاشوراءَ/إبراهيم بن موسى بن الشيخ سِيدِيَ

 وقفاتٌ مع ذكرى عاشوراءَ /إبراهيم بن موسى بن الشيخ سِيدِيَ 


شهيدُ آلِ الْبيتِ سيدُنا الإمامُ الْحسينُ على جدهِ وعليه وعلى آلِ الْبيتِ الصلاةُ والسلامُ أَعْظَمُ منزلةً وأعْلَى مكانًا وأشْرفُ مَقامًا منْ أن تخْتصَّ بِهِ طائفةٌ من الْمُسلمين ،

إنهُ أَحدُ سَيِّدَيْ شبابِ أَهلِ الْجنةِ وسبْطُ سيدِ الأولينَ والآخرِينَ وابْنُ أَبِي تُرابٍ بابِ مدِينةِ عِلمِ سيدِنا محمدٍ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ خليفةِ المسلمين وموْلَى الْمُؤْمِنينَ سيدِنا علي بن أبي طالبٍ عليه سلامُ اللهِ في الخالدينَ ،

سيدُنا الْحسينُ عليه السلامُ صفحةٌ مشرقةٌ في سِجِلِّ رَفضِ النظامِ الْجَبْرِيِّ الْعَضُودِ ،وقدْ كلَّفَهُ ذلكَ حياتَهُ الشريفةَ ،ولو أنهُ لم يتمسّكْ بِهذِهِ الْخصلةِ العظيمةِ المتمثلةِ في مُقارعةِ الطغاةِ ومقاومتِهم لعاشَ حياةَ بذَخٍ وسعادةٍ ورخاءٍ ،ولو أبْدَى أيَّ إشارةِ اسْتِعدادٍ للمُسالمةِ معهم لسارعوا إليهِ لا هدفَ لهم إلا إرْضاؤُهُ ،ولكنه كانَ يَضعُ نُصْبَ عينيهِ الكريمتيْنِ مصلحةَ الأمةِ الإسلاميةِ عامّةً فذلك ما جعلَ مصلحتَهُ الشخصيةَ تهونُ عليهِ حتى دفعها ثمنًا لتحقيقِ المصلحةِ العامةِ ،


لعلنا نتساءلُ : لماذا اختلف موقفُه مِن موقفِ أخيهِ سيدنا الحسنِ عليهما السلامُ ؟

مِنَ الْأجْوبةِ الْمتبادرةِ والْمُرتجلةِ أن سيدَنا الإمامَ الحسنَ قبِلَ الصلْحَ حمايةً للأمةِ الإسلاميةِ من خطرٍ وُجودِيٍّ يتهددُها من أعداءِ الداخل والخارجِ ،وشدًّا منْ عَضُدِ الْجيوشِ الإسلاميةِ ورفْعا لمعنوياتِهم ،ومنْعًا لتَشتُّتِ ترْكيزهم وتَبَدُّدِ قوتِهم في الصراعاتِ الْبيْنِيّةِ الْمُدمّرةِ ،ففي حالةٍ كهذه تكونُ شخصيةُ الخليفةِ أو القائدِ لا تتطلبُ أكثرَ مِنْ إحكامٍ للسيطرةِ ،وقدرةٍ على الإبحار بِسفينةِ النجاةِ إلى بَرِّ الأمانِ ،لا غيْرُ !

مِنْ هنا تَنازَلَ سيدُنا الإمامُ السبْطُ الحسنُ عليهِ السلامُ عن الخلافةِ وهو الأحقُّ بِها والأوْلَى بِها مِن كلِّ وَجْهٍ لِمُعاويةَ بنِ أبي سفيانَ ،

أما سيدُنا الإمامُ السبطُ شهيدُ آلِ البيتِ عليه وعليهم السلامُ فكان الوضعُ العامُّ إبانَ خروجِهِ ورفضهِ للنظامِ القائمِ مُختلِفًا ،فقد ظهرَ مِن سلوكِ مُعاويةَ وأبْنائِهِ وقادةِ جُندِهِ ما جعلَه يتخِذُ موقفَهُ الرافضَ لنظامِهم الذي بدَأَ يبتَعِدُ كثيرا عن منهاجِ النبوةِ وطريقِ الْحقِّ ،ومَن قرأ مراجعَ التاريخِ الإسلامي التي تناولت تلك الْحقبةَ فإنه سيجدُ له مُبرراتٍ ومَعاذيرَ واضحةً قويةً صادقةً صحيحةً ،


إن أهمَّ عِلْمٍ نتعلمُهُ من تضحياتِ الإماميْنِ العظيميْنِ سيدَيْنا الْحسنِ والحسينِ عليهما السلامُ هو أن نكونَ صادِقينَ مع الله عز وجلَّ ،وأن يكونَ تعلقُنا بهما مِنْ أجلِ مَصلحةِ الأمةِ الإسلاميةِ جمعاءَ لا مِنْ أجلِ تصفيةِ أحقادٍ متوارثةٍ ،مُعظمُها أكاذيبُ وخيالاتٌ مريضةٌ ،

على الأمةِ الإسلاميةِ أن تتقيَ اللهَ في آلِ بيتِ رسول الله صلى اللهُ عليه وسلم ،وأن لا يَدْفعَ بهمُ الْعِنادُ والْمُكابرةُ إلى تَبرئةِ أعدائهم أو تعظيمِهم أو التّلهِّي عن جريمتِهم الشنعاءِ النكراءِ في حق آلِ البيتِ وسائرِ الأمةِ على مرِّ العصورِ ،

كما أنه لا ينبغي توريثُ الأحقادِ عبْرَ الأجيالِ ،وبناءُ عقائدَ قتاليةٍ قائمةٍ على طلبِ الثأرِ مِن قتلةِ شهيدِ آلِ البيتِ عليه السلامُ !


فما ذنبُ أجيالِنا اليومَ ؟وقد أُثِرَ عنِ الْإمامِ الْحسنِ البصْرِيِّ رضي الله تعالى عنه وأرْضاهُ قولُهُ " تلك أمورٌ طهَّرَ اللهُ مِنْها أَيدِيَنَا فَلْنُطَهِّرْ مِنْها ألْسِنَتَنَا " !وهو أقْرَبُ لتلكَ المرحلةِ زَمَانًا ،

فهاهو قدْ بَرَّأَ جِيلَهُ كلَّهُ بِقولِهِ " طَهَّرَ اللهُ مِنْها أَيْدِيَنَا " ،وناهيكَ بِهِ عِلْمًا وصلاحًا وفضْلًا ،


وقد قالَ اللهُ تعالى: " ولَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى "

وعفا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلمَ عن عامةِ الناسِ عامَ الْفتْحِ ،وألْغَى ثاراتِ الْجاهليةِ في الدماءِ والأعراضِ ووضعَ عن الناسِ كل رِبًا كانَ عليهم ،


فلا مَعْنَى لِبناءِ الأمةِ وقيامِ أمجادِها مع وجودِ أحقادٍ دفينةٍ ونفوسٍ مشحونةٍ بالِازْدِراءِ والكراهيةِ والتكفيرِ ،


علينا – يامعشرَ المسلمينَ – أن نعالجَ هذا الداءَ الْعضالَ داءَ الْحِقدِ والكراهيةِ والتكفير بين " السنة " و" الشيعة " ،

فإن الظاهرَ والأكيدَ أن هذه العقائدَ بصورتِها هذه ليستْ مما يَقبلُ اللهُ سبحانه وتعالى مِن صاحِبِها صَرْفًا ولا عَدْلًا ولا صلاةً ولا صدقةً ولا عبادةً ،فاللهُ طيبٌ لا يَقْبلُ إلا طيبًا ،

وواللهِ ثم واللهِ إن قلبًا مشحونا بالْحقدِ على مُسلمٍ يشهدُ الشهادتيْنِ ليسَ بِطيبٍ ،واللهُ لا يَقْبلُ إلا طيبًا .

ليست هناك تعليقات:

كلمة في حق الشهيد حَسَن نصرَ الله/ إبراهيم بن موسى بن الشيخ سِيدِيَ

 كلمةٌ في حقِّ الشهيد حَسَن نصرَ الله/إبراهيم بن موسى بن الشيخ سِيدِيَ  رحم الله السيد حسن نصرَ الله فإنّ له مواقفَ هي محلُّ إجماعٍ من كلِّ ...