مِمَّا اسْتنقَذَنِي بِهِ الْوَالِدُ رحمةُ اللهِ عليهِ مِن مَّلَاحِمِ الْفِتَنِ الْمُدْلَهِمَّةِ أَنَّنِي كُنتُ أَقُصُّ عليْهِ مَا أَرَى مِن مَّرَاءٍ فَيَعْبُرُ لِي بَعْضَهَا وَيُعْرِضُ عَن بَعْضٍ، وكُنتُ أَسْتَغِلُّ سُؤالَهُ- أَحْيَانًا- عَنِ الْمَرَائِي واهْتِمَامَهُ بِهَا،
وذَاتَ ضُحًى بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الدَّرْسِ الْيوْمِيِّ قُلْتُ لَهُ إِنِّي رَأَيْتُ رُؤْيَا، فبَادَرَنِي بِالْقَوْلِ تَفاءَلْ بِخيْرِها واسْتَعذْ بِاللهِ مِن شرِّها، ولا تُلْقِ بَالًا لِّلْمَرَائي، واهْتَمَّ بِمَا بيْنَ يَدَيْكَ مِن شَأْنِكَ، وتَكلَّمَ لِي كَلَامًا على هذا النَّحْو كُلُّهُ نَصِيحةٌ وتَوْجِيهٌ وَتَرْبِيَةٌ وإِرْشادٌ،
ومَرَّةً مِّنَ الْمَرَّاتِ لَقِيَتْ مَرْثِيةٌ قُلْتُها اسْتِحْسَانًا وقَبُولًا فَقُرِئَتْ فِي نَفْسِ الْمَجْلِسِ مَرَّاتٍ؛ فِي كُلِّ مَرَّةٍ يَطْلُبُ بعْضُ الْعلماءِ الحاضرينَ إِعادةَ قِراءتِها اسْتِحْسَانًا لَّها! ولم أكنْ حاضِرًا ذلكَ الْمَجْلِسَ،
فشكوْتُ إلَى أبِي رحمةُ اللهِ عليهِ الْخَشْيَةَ مِنَ الْعَيْنِ! فَقَطَعَ خَوْفِي بِقَوْلِهِ: إنَّ الْعَيْنَ لَا تَضُرُّ الشُّعَرَاءَ!!
ومَعَ أنَّهُ لَمْ يُوضِحْ لِي هذِهِ الْفائِدَةَ الطرِيفةَ، إِلَّا أنَّنِي حَسِبْتُ أنَّهُ عَنَى بِها أَنَّ إِعْجابَاتِ الْمُتَلَقِّينَ تَرْفَعُ مَعْنَوِيَّاتِ الشاعِرِ ولوْ تَضَمَّنَ بَعْضُهَا عَيْنًا فَيَغْلِبُ شُعُورُ الْفَخْرِ بِالْإعْجابِ فُتُورَ النَّفْسِ الذِي يُسَبِّبُهُ أَذَى الْعَيْنِ وضَرَرُها!
وبِاعْتِمادِي لِهذَا التَّفْسيرِ قَوِيَتْ نَفْسِي واسْتمَرَّ تَجَاسُرِي على مُدَاهمةِ الشعرِ فِي عَرِينِهِ، سَارِحَ الْخَيالِ فِي غَابَاتِهِ رُفْقَةَ شَيْطَانِهِ وقَرِينِهِ.
———————————————-
إبراهيم بن موسى بن الشيخ سِيدِيَ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق