تَابعتُ خِطَابَ فَخامةِ رئِيسِ دولةِ فِلسطين السيد محمود عَبَّاس الْيومَ في الدورةِ الثمانينَ لِاجتماعاتِ الْجمعيةِ الْعامةِ لِلْأُمَمِ الْمُتَّحِدةِ؛ لَقدْ كانَ خِطَابًا ابْنَ عَصْرِهِ، تَشَكَّلَ مِنَ الْوَاقِعِ الرَّاهِنِ، شَامِلًا، قَابِلًا لِّأَنْ يَّكُونَ جسْرَ عُبُورٍ إلى وَضْعٍ فلسطِينِيٍّ يُلَبِّي طموحاتِ وتَطلُّعاتِ كَافَّةِ الطيْفِ الْفلسطينِيِّ، ويُحَقِّقُ لِعامةِ الْفلسطينيِّينَ الْأَمْنَ والِاستِقرارَ اللَّذَيْنِ هما شرْطُ الْإبْدَاعِ، وسَبَبُ الْعَطَاءِ الْفِكريِّ والْعِلْمِيِّ والْأدَبِيِّ،
مَاذَا لَوِ الْتَقَطَتِ الْفَصائلُ الفلسطينيةُ رَأْسَ الْخَيطِ، وقَبِلَتِ الِانْخِرَاطَ في عَمليّةِ الْبِنَاءِ الْوَطَنِيِّ، وطَالبتْ بِالضماناتِ، ووضَعتْ شروطًا مَّرْحَلِيّةً، مُسْتَغِلَّةً الظرْفَ الدوْلِيَّ الْمُوَاتِيَ أَكْثَرَ مِنْ أَيِّ ظَرْفٍ سَبَقَ لِقِيامِ دولةِ فلسطينَ ذَاتَ سِيادةٍ وأَمْنٍ تَلْتزِمُ بِهِ إِضافةً إلى أبْناءِ فلسطينَ جِهاتٌ دوْلِيّةٌ لها اعْتِبارُها وَمِصداقِيَّتُها،
آمُلُ مِن أَعْماقِ قَلْبِي أن نَّرَى شَعْبًا فلسطينِيًّا لَّا تُفَرِّقُ كَلِمَتَهُ الْخِلافَاتُ السياسيةُ، وَلَا تُشَتِّتُ شَمْلَهُ الِانتماءاتُ، شَعْبًا واحِدًا، أبْنَاءَ وطَنٍ واحدٍ، بُغاةَ تَحْقيقِ هدَفٍ واحدٍ مُّشْترَكٍ،
إنَّنِي أَثِقُ ثِقةً كاملةً فِي أنَّ يَوْمًا واحِدًا يُمْضيهِ هذا الشعْبُ في عملٍ مُّشترَكٍ سَيخْتَصرُ عَمَلَ سَبْعِينَ سنةً مِنَ النِّضالِ على هذِهِ الصورةِ الْمُتشَرْذِمةِ الْمُبَعْثَرَةِ، فَكَمَا أنَّ صفوفَ الْمُصَلِّينَ إِذَا لَمْ تَسْتَوِ الْمَنكِبَ بِالْمَنكِبِ تَخَلَّلَهمُ الشيطانُ، وفَرَّقَ بينَ الْقلوبِ بِقدْرِ تَفَرُّقِ الْأبْدَانِ، فكذلكَ سَيبْقَى الشيطانُ وصِنْوُهُ الْهَوَى يَعْبَثَانِ بِمَصيرِ كلِّ أمةٍ يَخْتَلِفُ أَبْناؤُها حَتَّى فِي أُسلوبِ التعاملِ مَعَ الْمُحْتلِّ، فَلا ثمراتُ النضالِ تُجْتَنَى، ولا ظَهْرُ الْمُنَاضِلينَ يُحْمَى،
شَعْبُ فلسطينَ عَبْقَرِيٌّ، جِهْبِذٌ، قَوِيٌّ، صاحبُ مَلَكَاتٍ خارقَةٍ، بَرْهنَ على ذلك في كلِّ مَشْهَدٍ من مَّشاهدِ مُجابَهتِهِ للمُحْتَلِّ، فَإذا اتَّحدَ وقَبِلَ كُلُّ طَرَفٍ بِالْآخَرِ، فَإنَّنا سنَرَى في وفَتْرةٍ وجيزةٍ الْمُعْجزاتِ تَتَحَقَّقُ، وشَارِدَاتِ الْمُسْتَحِيلِ وأَوَابِدَهُ بِالْمُمْكِنَاتِ تَلْحَقُ، وَشَمْسَ الْعِزَّةِ والْكرامةِ والنَّصْرِ في سمائِنَا بِلِا غُروبٍ تُشْرِقُ.
————————————————
إبراهيم بن موسى بن الشيخ سِيدِيَ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق