السِّياسةُ والسحْرُ !إبراهيم بن موسى بن الشيخ سِيدِيَ
حَدَّثَنِي مَن لَّا أَتَّهِمُ أنَّ سِيَاسِيًّا مرْمُوقًا سَاقَ لَهُ واقِعةً حضَرَها ضِمْنَ حدِيثٍ ذِي شُجونٍ ،فقال :رَافقْتُ السيدَ الرئيسَ (وهو رئيسُ دولةٍ إفريقيٌّ سابِقٌ ) لَيلةً من الليالِي إلى مكانٍ معَيَّنٍ مهْجورٍ تمامًا وكُنَّا أَفرادًا معدودِينَ ،ومعنا سَاحرٌ معرُوفٌ ،فلما وصَلْنَا وجَدْنا بعْضَ أعوانِ الساحرِ قَدْ حفروا حُفْرَةً عظيمةً ،فنزلَ الساحرُ وقامَ ببعْضِ طقوسِهِ ثمَّ أشارَ على أعْوانِهِ فأحضرُوا ثَوْرًا ضَخْمًا أَسْوَدَ ،فَقَذَفُوا بِهِ في الْحُفْرَةِ حَيًّا ،ثمَّ دفنوهُ كذلكَ !ثم أشارَ إلينا الساحرُ بِأن الْمُهمةَ تمَّتْ ،فعُدْنَا أدْراجَنَا !
وأذْكُرُ أنَّهُ في تلكَ الْفتراتِ أُخْبِرْتُ بأن أحدَ أبْرَزِ مُعارضِي ذلكَ الرئيسِ حُبِسَ صَوْتُهُ تَمَامًا ،ولم أَتتبّعْ أَخْبارَهُ لِأعرِفَ هلْ عُولِجَ أو تُوُفِّيَ كذلك ؟
وحدَّثَنِي بعْضُ الثِّقاتِ أن ساحِرًا معروفًا في بعضِ تلكَ الْبُلْدَانِ جاءهُ سياسيٌّ يَشكُو تَزايُدَ نُفُوذِ مُنافِسِهِ ،وتعاظُمَ قَدْرِهِ عندَ شخْصِ الرئيسِ وحاشيَتِهِ - وجرتْ هذه الواقعةُ وسابقتُها مُنذُ حَوَالَيْ ثلاثِينَ سنَةً – فعَمِلَ لهُ عَمَلًا وأمرهُ بِغَمْرِهِ فِي نجاسةٍ ،قالَ الْمُحَدِّثُ : فَما لَبِثَ مُنافِسُهُ إلَّا قليلًا حتى فاحَتْ مِن بدَنِهِ وثيابِهِ روائحُ كريهةٌ ،نِطاقُ انتِشارِها واسعٌ جِدًّا ،فلم يُطِقْ نَفْسَهُ ،ثمَّ إن الرئيسَ طلبَ مِنْهُ الِاسْتِغْناءَ عن لقائِهِ الْمُباشِرِ بِالتواصلِ معهُ بالهاتِفِ ،أو مِنْ خِلالِ مَن ينُوبُ عنْهُ ،لِأنه عندما يَدْخُلُ الْقصْرَ فإن رائحتَهُ الْكريهةَ تَعُمُّ سائرَهُ !
وفي ذاتِ الْفترةِ أخْبرَنِي آسْيَوِيٌّ أن زعيمَ بلَدٍ من بلدانِ تلك الْقارةِ انزَعجَ كثيرًا من طولِ وحِدَّةِ لِسانِ أحدِ الْمُعارضينَ لحُكمِهِ ،فلم يَتَبَادَرْ لهُ حَبْسُهُ وإسكاتُهُ لِمَكانَتِهِ ومكانةِ عائلتِهِ ،فَاسْتَقْدَمَ سَحرةً فسحرُوهُ ،فما هو إلا وقْتٌ يَسيرٌ حتى خرَجَ المُعارِضُ الْمسحورُ إلى الطرقاتِ حَافِيًا وصارَ لا يطيبُ له القعودُ إلا حوْلَ القمامةِ حيثُما وَجَدَهَا !
طَهَّرَ اللهُ الْبلادَ والْعِبادَ مِنَ السحرةِ أجمعينَ ،وكفانا جميعا جميعَ شرورِهم آمينَ .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق