Translate

السبت، يوليو 06، 2024

التكنولوجيا الوسيط الجاسوس

 التكنولوجيا: الْوَسيطُ الْجاسوسُ / إبراهيم بن موسى بن الشيخ سِيدِيَ 


الْمُغَفَّلُ أوِ الشخصُ الْبارِدُ هُوَ الذِي لا يُدْرِكُ أنَّ كافةَ الأجهزةِ الذكيّةِ والْبليدةِ التي أَصْبحتْ حوَاسَّ أَصلِيةً تَنضافُ إلى الْحواسِّ الخَمْسِ ،تَعْتَمِدُ في أَدائِها الْوظيفِيِّ على وَسيطٍ تَرِدُهُ الْمعلومةُ فيُعالِجُها بِدِقَّةٍ ثمَّ يَبْعَثُها إلى حَيْثُ وَجَّهَها الْمُستخْدِمُ ،ثمَّ يُعِيدُ إليهِ رداتِ الْفعْلِ عليها !

هذا الوسيطُ هو جهازٌ رسميٌّ أوِ الشركةُ المُصنِّعةُ أو الشركاتُ الوسيطةُ المرخّصةُ ،

معْنَى هذا الْكلامِ أنه مَا مِنْ أحدٍ يَسْتخدمُ هذه الأجهزةَ إلا وهو مُنكَشِفٌ بجميعِ سَرائرهِ وأسرارِهِ على هذه الْجهاتِ ،

حدَّثَنِي أحدُ رِجالِ الأعمالِ الأفارقةُ أنه أرادَ أن يتصِلَ بِقريبٍ له مقيمٍ في دَوْلةٍ أوربيةٍ غرْبيّةٍ ،فأخطأَ رقمَهُ فإذا شخْصٌ أوربيٌّ على الهاتفِ فاعْتذرَ إليه ،وما إن أَنْهَى المكالمةَ الْغلطَ مع هذا الأوربيِّ حتى اتصلَ بِهِ الأوربيُّ قائلا : أنا أعرفُ أنكَ أخطأْتَ الرقمَ وأن اتصالَكَ بِي كانَ غلطًا ،ولكن ربما تروقُ الصُّدَفُ !وقال له: خذْ رقمي هذا ،فأنا سأكونُ مَسرورًا بلقائِكَ في بلادي فِي أيِّ وَقْتٍ ،

وكان رجلُ الأعمالِ الإفريقيُّ يتهيَّأُ للسفرِ إلى تلكَ البلادِ نَفْسِها التي يُقيمُ فيها ذلك الأوربيُّ لِمُلاقاةِ قَرِيبِهِ صاحبِ الطالعِ الْمَيمونِ ،

فلما حلَّ أخونا رجلُ الأعمالِ الإفريقيُّ بِتلكَ البلادِ اتصلَ بِالأوربيِّ سالفِ الذكرِ فقال له الأوربي :مرحبا بك ،سأبعثُ مَن يأتِي بِكَ ،فلما خرجَ رأى سيارةً ملكيّةً غايةً في الْفخامةِ والثمانةِ تنتظرُهُ فاسْتقَلّها ،فلما وصلَ إلى مسكنِ الأوربيِّ لَفتَ انتِباهَهُ طائرةٌ دا خلَ ساحةِ المنزل وفي الجانب الآخرِ رأى سيارتٍ لا تُقدَّرُ بِثمنٍ ،وفيما هو في غايةِ الذهولِ والدّهْشةِ وقفتِ السيارةُ فإذا بالأوربيِّ يستقبلُهُ بِحرارةٍ ويَمْشي بِهِ داخلَ مسْكَنِهِ الْفسيحِ الفاخرِ ،وبينما كانا يتناولانِ الطعامَ ويتبادلانِ الْحديثَ نَظرَ بِاسْتِغرابٍ إلى هاتفِ الأوربيِّ ،وكانَ طرازًا قديمًا لا أثرَ فيهِ لِأيِّ تطورٍ ،فقال له مُمازِحًا :على الأقَلِّ هاتِفِي أرْقَى مِنْ هاتِفِكَ بِكثيرٍ !فضحكَ الأوربيُّ وقالَ لهُ : لأن تَأخُذَ بُوقًا وتَقفَ على قارعةِ الطريقِ وتقولَ ما تُرِيدُ أسْترُ عليكَ بِكثيرٍ من أن تقولَ ما تُرِيدُ على هذه الْهواتفِ الذكيةِ !


قُلْتُ :" وشَهِدَ شاهِدٌ مِّنَ اهْلِها " ،" وَمَا شَهِدْنَا إِلا بِمَا عَلِمْنَا " ،و" لا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ " ،


قُلْتُ : ورُبما فاتَ الْأوربِّيَّ حِينَهَا ثُمَّ أَدْرَكَ لا حِقًا أنه حتّى هاتِفُهُ الْقديمُ ذاكَ يَمُرُّ كلُّ ما يَصدُرُ مِنْهُ أو يَرِدُ إليهِ على وسيطٍ هو الذي يتولى تحليلَ كلِّ شيءٍ وتفكيكَهُ وإعادةَ تركيبِهِ وتحْوِيلَهُ بعد أَنْ يُّذِيعهُ على الْجهاتِ الْمُصَيْطِرَةِ !

ليست هناك تعليقات:

وراء كل عظيم معلّم عظيم/ إبراهيم بن موسى بن الشيخ سِيدِيَ

 وَرَاءَ كُلِّ عَظيمٍ معلمٌ عظيمٌ/ إبراهيم بن موسى بن الشيخ سِيدِيَ  قُرَيشٌ لَّمَّا ذَهَبَ بِها الْعَجَبُ كُلَّ مَذْهَبٍ وهي تَسْمَعُ آياتِ...