الْمَغْرُورُ مَن لا يَعْتَدُّ بِصُرُوفِ الدهر /إبراهيم بن موسى بن الشيخ سِيدِيَ
لَمْ يَكَدِ الِاتِّحادُ السوفياتيُّ يَتَعَدَّى عِقْدَهُ السَّابِعَ حَتَّى تَفَكَّكَ ،
وتَفَكَّكَ الِاتِّحادُ الْيُوغُوسلافِيُّ ،وانشَطَرَت تشيكوسلافيا ،
وتُصَارِعُ دُوَلٌ أوربيةٌ والولاياتُ المتحدةُ بِاستِماتَةٍ للْمُحافظةِ على تَمَاسُكِ كِيَاناتِها بَينَمَا يَشْحَذُ الْقَدَرُ سِكِّينَهُ لِيُقَطِّعَ أوْصالَها إلى دُويلاتٍ وكِياناتٍ لا قُدْرَةَ لَها على الصمودِ !
نُكَذِّبُ هذِهِ الْحقائقَ ونَحْنُ نَرَى ابْتِسامةَ الْواثِقِ مِن نَّفْسِهِ تَرْتَسِمُ على وجوهِ قادةِ تلْكَ الدولِ وزُعَمائِها ،وهي في الْحقيقةِ ليستِ ابْتِسامةً ،إنَّمَا هِيَ شَبِيهةٌ بِحالةِ الِارْتِخاءِ التي تَعْتَرِي الْإنسانَ إذا نَزَلَ بِهِ الْموتُ ،فيَتَخَيَّلُهُ الناظِرُ إليهِ مُرْتَاحًا مبْتَسِمًا حتَّى يظُنَّ أَنَّهُ أُنسِئَ لَهُ فِي الْأَجَلِ !
إنَّ التغيُّرَ سُنَّةٌ كَوْنِيَّةٌ صَارِخًا كَانَ أَوْ صَامِتًا ،وكلما كَبُرَ حَجْمُ الْمُتَغَيِّرِ صَعُبَتْ مُلاحظةُ تَأْثيرِ التغيُّرِ عليهِ ،وكذلك الأمرُ بِالنسبةِ لِلدُّولِ والْحضاراتِ ،وكذلك الأمرُ أيضًا بالنسبةِ للْعُظماءِ الْخالِدينَ ،فلا يَتَبَيَّنُ ضُعْفَهُمْ أحدٌ ممنْ حولَهم حتّى يَقَعُوا دُفْعةً واحدةً هالكينَ ،
وَلَمْ تَتَبَيَّنِ الْجِنُّ مَوْتَ سَيِّدِنا سليمانَ عليه السلامُ حتى خَرَّ بَعْدَ ما أَكلَت دابّةُ الأرضِ مِنسَاتَهُ ،
والْمَغْرُورُ مَن لا يَعْتَدُّ بِصُرُوفِ الدَّهْرِ ،ويَرَى أنَّ كُلَّ يَوْمٍ تَكْرَارٌ لِّأمْسِهِ وأنَّ غَدًا ما هو إلا صورةٌ مطابقةٌ ليوْمِهِ .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق