حِكايَتِي مَعَ الْكِتَابةِ/ إبراهيم بن موسى بن الشيخ سِيدِيَ
مَا لِي وَمَا لِلذَّكاءِ الِاصْطِنَاعِيِّ؟ مَا لِي وَمَا لِمُحرِّكَاتِ الْبحْثِ؟ مَا لِي وَمَا لِهَوَى فُلَانٍ أَوْ سَخَطِ عِلَّانٍ؟ مَا لِي وَمَا لِلْمَذْهَبِ أوِ الْحِزْبِ أوِ التَّنظيمِ؟
مَا أَكْتُبُهُ هُوَ مَا تَجودُ بِهِ قرِيحَتِي تَعْبِيرًا عن رَّدَّةِ فِعْلٍ، أوْ تَوْجِيهٍ أَمْلَاهُ وَاجِبُ الِانتِماءِ الْعَرَبِيِّ والْإسلامِيِّ والْإِنسانِيِّ،
لَا أنتَظِرُ مِمَّا أَكْتُبُ إِلَّا أَنْ يَّكونَ لِلهِ عَزَّ وَجَلَّ رِضًا،
ولَرُبَّمَا خَبَا فَوَرَانُ بَعْضِ فُوَّهَاتِ بُرْكَانِ الْحَمَاسةِ والِانفِعالِ، ولَرُبَمَا خَفَتَ لَمَعانُ الْأفكارِ، وبَرِيقُ الْخَوَاطِرِ؛ لَيْسَ لِتَأَرْجُحِها بَينَ الْكُهولةِ والشيخوخةِ، وإنَّمَا لِتَهَافُتِ ذَائِقةِ جَمَاهِيرِ الْمُتَلَقِّينَ، وتَكَدُّرِ أَحَاسيسِ الْمُهْتَمِّينَ الذِينَ حَوَّلُوا اهْتِمَامَهمْ إِلَى دِرْهمِ مَعاشٍ، ومَشَوْا إِليْهِ مَعَ كُلِّ مَاشٍ، فَإذَا بُحْتُ فَبَوْحِيَ نَفْثةُ مَصْدُورٍ، ورَاحةُ صُدُورٍ، لَا رَجاءً لِّجَزَاءٍ وَلَا شكورٍ،
ويَحزُّ فِي نَفْسِي إذَا ألْقيْتُ نَظْرَةً على تَأْلِيفٍ فِكْرِيٍّ أَلَّفْتُهُ مَا بينَ سنةِ ثمَانٍ وثمَانِينَ وتِسْعٍ وثمانِينَ وتِسْعِمِائةٍ وأَلْفٍ، إِضافةً إلى إِنجازِي لِديوانٍ شعرِيٍّ مِنْ عَشَراتِ الْقَصائِدِ الطِّوَالِ وعدِيدِ الْمَقطوعاتِ الشعريةِ، إِلَى جانِبٍ قِصَصٍ ومَقاماتٍ سجعيّةٍ ورِوَاياتٍ وَمَسرحيّاتٍ، ثُمَّ لَا أجِدُ فِي نَفْسِي ذلكَ الشغَفَ بِالْكتابةِ بِذَاتِ الزَّخَمِ والْوَتِيرةِ! مَعَ أَنَّنِي لم أَتَخَلَّ عن شَيْءٍ كُنتُ عليهِ إِلَّا مَا أَبَاهُ اتِّساعُ الْوَقْتِ، وتَغَيُّرُ تَرْتِيبِ الْأَوْلَوِيَّاتِ،
مَا أَكْتُبُهُ – مُصِيبًا أوْ مُخْطِئًا- جُزْءٌ مِّنِّي لَا يَصْلُحُ إِلَّا أَنْ يَّكونَ مَشَاعًا، كَالشمْسِ تَبْعَثُ شُعَاعًا، كَالشِّعْرِ يَمْتَدِحُ مِقْدَامًا شُجَاعًا.